ثمّ إنّ أساس الإشكالين السابقين من المحقّق الخراساني والمحقّق النائيني كان مبنياً على تسليم كون عدم المانع مقدمة ولكن نوقش في خصوص كون عدم الضدّ مقدّمة لترك الضدّ.
وبعبارة أُخرى : كانت المناقشة في الصغرى مع قبول الكبرى ولكن الحقّ المناقشة في الكبرى وانّ عدم المانع على وجه الإطلاق من غير فرق بين المقام وغيره كعدم الرطوبة بالنسبة إلى الاحتراق ليس مقدّمة.
وذلك لأنّ الأصل في الخارج هو الوجود ، والعدم ليس له أيّ أصالة فيه وإنّما هو مفهوم ذهني يصنعه الذهن بتعمل ، مثلاً انّ الإنسان إذا دخل القاعة أملاً برؤية زيد ولم يره فيها ، فهو في الواقع لم ير شيئاً ولم يجد فيها شيئاً لا انّه يرى عدمه فيها ، لكن الذهن بالتعمل يصنع من هذا مفهوماً ذهنياً باسم العدم مع خلو صفحة الوجود عنه.
وعلى ضوء ذلك فلا معنى لجعل عدم المانع من أجزاء العلة ، إذ ليس له شأن التأثير أو التأثر ولا الموقوف ولا الموقوف عليه.
نعم لما كان وجود الضد مزاحماً لوجود الضد الآخر عُبِّر عن هذا التزاحم بأنّ عدم الضدّ شرط لوجود الضد الآخر ، وكم فرق بين القول بأنّ الضدّ مزاحم ، والقول بأنّ عدمه شرط.
وبعبارة أُخرى : انّ رطوبة الحطب أو القطن مانعة من تأثير المقتضي أي النار فيهما لا أنّ عدم الرطوبة شرط. فالأحكام كلّها للوجودات ( الرطوبة مانعة ) وينسب إلى الاعدام ( عدم الرطوبة شرط بالعرض والمجاز ) ، وإلى ذلك يشير المحقّق السبزواري في منظومته وشرحه ما هذا لفظه :