الإنسان من تركه فالمحبوس في مكان مغصوب ، مأمور بالصلاة ، وليس منهيّاً عن الغصب فعلاً وإن كان منهيّاً عنه إنشاء.
وبعبارة أُخرى : انّ صاحب الفصول خلط بين مقام التكليف المحال ، والتكليف بالمحال ، فلو كان متعلّق الأمر نفس متعلّق النهي ، يكون التكليف محالاً سواء أكان هناك مندوحة أم لا ، لاستحالة انقداح الإرادة والكراهة في النفس مع وحدة المتعلّق.
ولو تجاوزنا عن ذلك المحذور وقلنا بتعدّد المتعلّق وكان التكليف ممكناً ، يأتي الكلام في كون المكلّف به ممكناً ، وعندئذ يشترط وجود المندوحة ، وإلا فالتكليف وإن كان ممكناً ، لكن المكلّف به يكون أمراً محالاً ، لافتراض انحصار المكان بالمغصوب ، وبذلك يظهر صحّة قول المحقّق الخراساني وضعف قول صاحب الفصول.
وأمّا الثالث : أي التفصيل بين كون النزاع صغروياً فلا يشترط وجود المندوحة ، وذلك لما في كلام المحقّق الخراساني من أنّ ملاك النزاع ، وصحته لا يتوقّف على وجود المندوحة ، لأنّ البحث يرجع إلى أمر تكويني وبحث فلسفي فانحصار المكان في المغصوب وعدمه ، لا يؤثر فيه.
وهذا بخلاف ما إذا كان البحث كبرويّاً فانّ تجويز اجتماع حكمين فعليين في مورد واحد ، باعتبار انطباق عنوانين عليه فرع وجود المندوحة والتمكّن من إقامة الصلاة في غير المكان المغصوب ، وإلا فلو كان مضطرّاً فلا محيص من سقوط أحد الحكمين ، إمّا وجوب الصلاة أو حرمة الغصب ، فالتحفّظ على فعلية الحكمين يستدعي وجود المندوحة والسعة.
يلاحظ عليه : أنّ لزوم وجود المندوحة ليس من آثار اجتماع الحكمين