إنّ المحقّق الخراساني قدَّم حكم الصورة الثالثة أوّلاً ، وحذف بيان حكم الصورة الأُولى ، واقتصر على بيان حكم الصورة الثانية ، ونحن نشرح الجميع لكن على ضوء الكفاية بتقديم ما قدّمه فنقول :
الصورة الثالثة : عبارة عمّا إذا كان مورد الدليلين خالياً من الملاكين ، فيرجع إلى دليل آخر ، وأمّا إذا كان واحد منها خالياً عنه ، فعندئذ يؤخذ بما فيه المناط ، وطريق التعرّف عليه هو الرجوع إلى المرجّحات الواردة في باب التعادل والترجيح ، فيؤخذ بما هو المشهور أوّلاً ، ثمّ الموافق للكتاب ثانياً ، ومخالف العامّة ثالثاً ، وهذا النوع من البحث يرجع إلى باب التّعادل والترجيح.
وأمّا الصورة الأُولى : التي أحجم المحقّق الخراساني عن بيانها فنقول : إذا كان مورد التصادق واجداً لكلا الملاكين وقلنا بجواز الاجتماع وانّ كلّ حكم ثابت على متعلّقه من غير تجاوز عن موضوعه إلى موضوع آخر فلا كلام فيه ، وهذا هو الذي يتبنّاه الاجتماعي ويرى الساحة خالية عن التزاحم فضلاً عن التعارض ، وبما انّ المحقّق الخراساني لم يقل بجواز الاجتماع أسقط بيان حكم هذه الصورة.
الصورة الثانية : ما إذا كان مورد التصادق واجداً للملاكين ولكن قلنا بامتناع الاجتماع ، فالقائل لا محيص له إلا الأخذ بأقوى المناطين فانّه إذا كان هناك تزاحم بين المقتضيين يؤخذ بالأقوى مناطاً من غير فرق بين هذا الباب وسائر الأبواب حتّى إذا كان أقوى المناط مروياً بسند غير قوي يقدم على ما هو أضعف مناطاً وإن روي بسند قوي ، فلو ورد إنقاذ النبي بخبر الواحد وإنقاذ الولي بخبر أقوى منه ، فبما انّ إنقاذ النبي أقوى مناطاً يؤخذ به وإن كان السند غير قوي.
هذا ما أفاده في الكفاية ، ثمّ إنّه قدسسره أشار بالجملة التالية إلى صورة رابعة تعد من شقوق مقام الإثبات ومن فروع القول بعدم جواز الاجتماع حيث قال :