الأول : دليل قدماء الأُصوليّين
إذا أمر المولى عبده بخياطة ثوب ونهاه عن الكون في مكان خاص ، فخاطه العبد في ذلك المكان عدّ مطيعاً لأمر الخياطة ، ولذا لا يأمره بتجديد الخياطة ، وعدّ عاصياً للكون في ذاك المكان الخاص.
يلاحظ عليه : أنّ المثال خارج عن محط البحث فلأنّ الخياطة لا تختلط بالغصب ، لأنّ الأولى عبارة عن إدخال الإبرة في الثوب ، كما أنّ الثاني عبارة عن الكون في المكان الخاص فلا يعد إدخال الإبرة في الثوب غصباً ، إذ ليس فيه تصرف في المغصوب ، وليس التصرّف في الهواء تصرّفاً في المغصوب ، لأنّه ليس ملكاً لصاحب المكان.
الثاني : دليل المحقّق القمّي
استدل المحقّق القمي بوجه مفصل نذكره ضمن مقاطع.
قال : إنّ متعلّق الأمر طبيعة الصلاة ، ومتعلّق النهي طبيعة الغصب ، وقد أوجدهما المكلّف بسوء اختياره في شيء واحد ولا يرد في ذلك قبح على الآمر ، لتغاير متعلق المتضادين فلا يلزم التكليف بالمتضادين.
فإن قلت : الكلي لا وجود له إلا بالأفراد ، فالمراد بالتكليف بالكلي هو إيجاد الفرد وإن كان على الظاهر متعلّقاً بالكلّي.
قلت : إنّ الفرد مقدّمة لتحقّق الكلّي في الخارج ، فلا غائلة في التكليف به مع التمكّن من سائر المقدمات.
فإن قلت : إنّ الأمر بالمقدّمة اللازم من الأمر بالكلّي يكفينا ، فإنّ الأمر بالصلاة أمر بالكون الكلي ، والأمر به أمر بالكون الخاص مقدّمة ، فهذا الكون