وجب الاستقبال إلى الكعبة لا يجوز أن يحرم الاستدبار إلى الجدي. نعم لا يجب أن يكون الاستدبار واجباً.
قد فرغنا عن الدليلين اللذين أُقيما على أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه الخاص ، ولما كانت المقدّمة الأُولى للدليل الأوّل ، هو مقدمية ترك الضدّ ، لفعل الضدّ الآخر ، وقد عرفت بطلانه وكان للمحقّق الخوانساري تفصيلاً في المقام ، أحببت التعرّض له فأقول :
عود إلى مسلك المقدمية ثانياً
ذهب المحقّق الخوانساري إلى التفصيل بين الضدّ الموجود والضدّ المعدوم ، فذهب إلى توقّف الضدّ على ارتفاع الضد الموجود ولا يمكن ، فلو كان المحل أسود توقف عروض : البياض على ارتفاع السواد دونما إذا لم يكن أسود.
وأيّده المحقّق النائيني بقوله : إنّ المحل إذا كان مشغولاً بأحد الضدّين ، فلا يكون قابلاً لعروض الضدّ الآخر إلا بعد انعدامه ، ويكون وجوده موقوفاً على عدم الضدّ الموجود ، وهذا بخلاف ما إذا لم يكن شيء منهما موجوداً وكان المحل خالياً عن كلّ منهما ، فانّ قابليته لعروض كلّ منهما فعلية ، فإذا وجد المقتضي لأحدهما ، فلامحالة يكون موجوداً من دون أن يكون لعدم الآخر دخل في وجوده. (١)
يلاحظ على أصل الاستدلال بأنّ العدم أنزل من أن يكون موقوفاً عليه أو موقوفاً وحقيقة الأمر انّه يرجع إلى التزاحم بين الوجودين ، فعبّروا عن رفع التزاحم بأنّ ورود أحدهما يتوقّف على عدم الآخر ، ففيما كانت الفاكهة على الشجر سوداء ،
__________________
١. أجود التقريرات : ١ / ٢٥٩.