الوجوب والحرمة فعلياً على كلّ تقدير ، بحيث نعلم أنّ المولى يطلب امتثاله ، ففي مثله لا موضوع للبراءة للعلم القطعي بوجود الحكم الفعلي على كلّ تقدير كما في المرأة المرددة بين كونها زوجة على رأس أربعة أشهر أو أجنبية ، فتصل النوبة إلى القاعدة فيؤخذ بما فيه دفع المفسدة ويترك ما فيه جلب المنفعة.
وأمّا المقام فتجري البراءة في أحد الطرفين ، أعني : الحرمة دون الوجوب محال ، أمّا عدم جريانها في جانب الوجوب للعلم القطعي بعدم سقوط وجوب الصلاة ، ولو في ضمن المكان المباح ، وأمّا جريانها في جانب الحرمة فبما انّه تُحتمل مساواة الملاكين ، فلا يكون هنا علم بالحرمة الفعلية ، لأنّ احتمال تساوي الملاكين يلازم احتمال عدم فعليتها فيصلح لأن تقع مجرى لها.
٥. ولو قيل بقاعدة الاشتغال في الشكّ في الأجزاء والشرائط فلا يلزم القول بالاشتغال في المقام فانّه لا مانع عقلاً إلا فعلية الحرمة المرفوعة بأصالة البراءة عنها عقلاً ونقلاً.
توضيحه : انّه لو قيل إنّ الأصل عند الشكّ في الأجزاء والشرائط ـ ككون السورة جزءاً من الصلاة أو لا ـ هو الاشتغال وبطلان الصلاة بدونها ، لما كان دليلاً على القول بالاشتغال وبطلان الصلاة في المقام ، وذلك لوجود المقتضي للصحة في المقام وهو الأمر وليس المانع إلا الحرمة المرفوعة بأصل البراءة ، بخلاف الشكّ في كمّية الأجزاء والشرائط فلا علم بالصحة لاحتمال وجوب الشيء المشكوكة جزئيته.
وحاصل الفرق بين المقام : هو وجود العلم بتمامية المأمور به من حيث الأجزاء والشرائط في المقام وإنّما الشكّ في مانعية الغصب ، وهي مرفوعة بالأصل ، فالمقتضي موجود ، والمانع مرفوع.