وهذا بخلاف الشكّ في الجزئية والشرطية فليس هناك علم بتمامية المأمور به من حيث الأجزاء والشرائط ، بل يحتمل كون السورة جزءاً ، فيكون المأتي به ناقصاً من حيث كونه جامعاً للأجزاء والشرائط ، وتوهم أنّ أصل البراءة رافع للجزئية على فرض ثبوتها مدفوع بأنّ الرفع الظاهري لا ينافي الجزئية الواقعية على فرض ثبوتها في الواقع فتكون الصلاة ناقصة. فتأمّل.
فإن قلت : إنّ الشكّ في المانعية والجزئية من باب واحد ، فأصل البراءة رافع للمانعية والجزئية في الظاهر دون الواقع ، فلو كان المشكوك مانعاً واقعاً ، يكون المأتي به ناقصاً من حيث اقترانه بالمانع.
قلت : المفروض انّ المانع هو المبغوضية المحرزة لا المبغوضية الواقعية ، كما أشار إليه بقوله : « فانّه لا مانع عقلاً إلا فعلية الحرمة المرفوعة بأصالة البراءة عقلاً أو نقلاً » ، فإذا لم تكن محرزة يكون عدم المبغوضية قطعياً ، بخلاف جزئية الجزء أو شرطية الشرط ، فالجزء بما هو جزء والشرط بما هو شرط مأخوذان في المتعلّق ، فأصالة البراءة لا تؤثر في انقلاب الواقع على فرض وجوده.
٦. نعم لو قلنا بأنّ المفسدة الواقعية الغالبة مؤثرة في المبغوضية ولو لم تكن الغلبة محرزة فأصالة البراءة غير مجدية ، بل كانت أصالة الاشتغال بالواجب ـ لو كان عبادة ـ محكّمة حتّى لو قيل بأصالة البراءة في الأجزاء والشرائط ، لعدم تأتي قصد القربة مع الشكّ في المبغوضية.
حاصله : انّ التفكيك بين المقام والشك في الجزئية والشرطية ، مبنيّ ـ كما تقدم ـ على أنّ المفسدة الغالبة المحرزة مانعة من الصلاة ، فعدم إحرازها يكفي في الحكم بصحّة الصلاة ، وعدم اقترانها بالمانع واقعاً ، وأمّا إذا قلنا بأنّ المفسدة بوجودها الواقعية الغالبة مانعة وإن لم يعلم بها المكلّف ، فعندئذ ، تكون النتيجة