أو أعراض أو انتزاعيات ، بخلاف الأُمور الاعتبارية فانّ قوامها بإعطاء حدّ التكوين لشيء آخر ، اعتباراً ، كإعطاء حد الرأس الذي شأنه الإدارة للرئيس ، فهو رأس اعتباراً ، والآخرون بمنزلة الأعضاء فأين الثاني من الأوّل؟!
وللبحث حول الأُمور الانتزاعية والاعتبارية مجال آخر والغرض أنّ الجمع بينهما خلاف الاصطلاح.
وثانياً : انّ الصحّة على مسلك المتكلّمين ليست من الأُمور الانتزاعية ولا الاعتبارية وإنّما هي من الأُمور الواقعية كسائر الواقعيات التي يدركها العقل ، فانّ حصول الامتثال بتطابق المأتي به للشريعة ، من الأُمور الواقعية كتطابق الخطين وتساويهما ، فالصحة عندئذ ليست أمراً انتزاعياً ولا اعتبارياً ولا مجعولاً بنفسه ولا مجعولاً بتبع أمر آخر ، ولا من الأحكام العقلية المستقلة كحسن الإحسان وقبح الظلم أو الملازمة بين الوجوبين ، بل واقعية يدركها العقل.
نعم ما أفاده من أنّ الصحّة على مسلك الفقهاء ، من الأحكام العقلية ، إذ هو الحاكم بسقوط الإعادة والقضاء إذا أتى بالمأمور على ما هو عليه ، وعدمه إذا لم يأت كذلك.
وثالثاً : أنّه قدسسره حكم بأنّ الصحّة والفساد مجعولين شرعاً فيما إذا كان المأتي به غير واف بمصلحة الواقع فيما كانت الإعادة أو القضاء حرجيّاً فيكون سقوطهما ( الصحة ) مجعولين وإلا كان ثبوتهما ( الفساد ) مجعولين ، مع أنّ الظاهر منه في مبحث الإجزاء ، أنّ الإجزاء وعدمه في الصورتين أمر عقلي (١) ، ومع ذلك يمكن تصحيح كونهما مجعولين لكن باعتبار منشأ انتزاعهما حيث إنّ العمل لا يوصف
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ١٢٩.