كلام للمحقّق الإصفهاني
وأورد عليه المحقّق الاصفهاني قدسسره بأنّه لا شكّ في المسألة الفرعية حتّى يؤسس الأصل في مقام الشكّ ، لأنّ الصحّة لو كانت بمعنى موافقة الأمر فلا شكّ في الفساد لعدم تعلّق الأمر بالعبادة مع تعلّق النهي بها.
وإن كان بمعنى موافقة المأتي به للمأمور به من حيث الملاك فهو قطعي الثبوت ، فالمنهي عنه مستجمع لجميع الأجزاء والشرائط الدخيلة في الملاك ، والشكّ في أمر آخر وهو إمكان التقرّب مع المبغوضية وعدمه ، ولا أصل يقتضي أحد الأمرين ، فكيف يقال الأصل الفساد؟ (١)
وحاصله : انّه لو كان ملاك الصحّة ، هو الأمر ، فالعبادة باطلة قطعاً بلا شكّ لعدم الأمر ؛ ولو كان ملاك الصحة هو وجود الملاك فهو صحيح قطعاً لكونه واجداً للملاك ، ولو طرأ الشكّ في الصحة لأجل إمكان التقرّب مع المبغوضية وعدمه فلا أصل يعيّن أحد الطرفين.
يلاحظ عليه أوّلاً : نختار الشقّ الثاني وهو انّ الصحّة تدور حول وجود الملاك في الصلاة ، والقول بأنّه قطعي الثبوت غيرتام ، إذ لو كان الشكّ في الصحّة لأجل ابتلاء العبادة بالمزاحم كابتلاء الصلاة بإزالة النجاسة عن المسجد ، فالقول بوجود الملاك القطعي صحيح ، وأمّا إذا كان الشكّ معلولاً لأجل النهي عن الجزء كقوله لا تقرأ العزائم في الصلاة ، أو الوصف كالنهي عن الصلاة متكتفاً ، فالقول بأنّ الملاك قطعي غير صحيح ، لاحتمال أن تكون الصلاة مقيّدة بغير العزائم والتكتّف ، والشكّ في الصحّة يلازم الشكّ في كون الصلاة تامّة من حيث عدم
__________________
١. نهاية الدراية : ١ / ٣١٠.