الثالث : انّه تعمّه أدلّة مبطلية مطلق التكلّم من غير تقييد بكلام الآدمي ، والقدر الخارج عن هذا الإطلاق هو التكلّم بالقرآن والذكر الجائزين ، ويبقى الذكر والقرآن المنهي عنهما داخلين تحت الإطلاق. (١)
والوجوه الثلاثة تهدف إلى أنّ بطلان الجزء موجب لبطلان الكلّ أي نفس العبادة ، فتارة من جهة فقدان وصف الصلاة ، أي اللا بشرط ، وأُخرى من جهة الزيادة ، وثالثة من جهة كونه تكلّماً غير جائز.
يلاحظ على الأوّل : أنّ حرمة جزء العبادة ليست إلا بمعنى حرمته في نفسه ، وحرمته كذلك تقتضي بطلانه وعدم حصول الامتثال به ، وأمّا تقييد العبادة بعدمه ، وكون نسبتها إليه ، على نحو « لا بشرط » فهو ممّا لا تدلّ عليه حرمة الجزء.
وإن شئت قلت : قولنا : « جزء العبادة » تعبير مسامحي ، فانّ الروايات الناهية عن قراءة سور العزائم في المكتوبة سلبت عنها وصف الجزئية ، وصارت قراءتها فيها ، كالنظر إلى الأجنبيّة في حال الصلاة ، فكما أنّ الثاني ، لا يبطل العبادة فهكذا قراءة العزائم ، وكون السورة المنهيّة من جنس سائر الأجزاء دون النظر لا يكون فارقاً ، بعد سلب عنوان الجزئية عنها بقوله « لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم ».
وبطلان الجزء [ الشأني ] في نفسه ، يلازم بطلان العبادة إذا اقتصر به ، وأمّا إذا قرأ سورة أُخرى ، كانت الصلاة واجدة للجزء لولا المحذور الآخر ، أعني : قران بين السورتين المنهي عنه كما مرّ.
ويلاحظ على الثاني : المفروض انّ المصلّي عالم بالحكم ، وانّ الشارع سلب عن العزائم عنوان الجزئية فيمتنع أن يقرأها بقصد الجزئية ، وإنّما يقرأها بعنوان انّه
__________________
١. أجود التقريرات : ١ / ٣٩٧ ؛ فوائد الأُصول : ١ / ٤٦٥ ـ ٤٦٦.