تحقّق الطبيعة بالفرد المزاحم.
إذا عرفت ذلك نقول : إنّ الفرد المزاحم وإن لم يكن من مصاديق الطبيعة المأمور بها ولكنّه من مصاديق مطلق الطبيعة ، وملاك الامتثال إنّما هو انطباق عنوان الطبيعة على الفرد الخارجي لا كون الفرد الخارجي بشخصه مأموراً به ، فهو مصداق الطبيعة وإن لم يكن مصداق الطبيعة المأمور بها.
وبعبارة أُخرى : انّ الثابت هو سقوط الأمر عن هذا الفرد فواضح ، لا سقوطه عن الطبيعة ، وذلك لأنّ الواجب الموسّع له أفراد غير مزاحمة وإنّما المزاحمة بين المضيق والفرد المزاحم من الموسع ، فيأتي الفرد بنية الأمر بالطبيعة باعتبار انّ لها مصاديق غير مزاحمة.
هذا هوالمستفاد من كلام المحقّق الكركي في « جامع المقاصد » في كتاب الدين. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الأمر المتعلّق بالطبيعة يتصوّر على أقسام :
١. أن يكون وجوبها إنشائياً مادام الأهم غير مأتي به.
٢. أن يكون وجوبها فعلياً والواجب استقبالياً ، والمراد من الاستقبالي تعيّن الإتيان بالمهم بعد الإتيان بالأهم.
٣. أن يكون الوجوب والواجب فعليّين.
__________________
١. قال فيه : لا نسلم لزوم تكليف ما لا يطاق إذ لا يمتنع أن يقول الشارع : أوجبت عليك كلاً من الأمرين لكن أحدهما مضيق والآخر موسّع ، فإنّ قدّمت المضيّق فقد امتثلت وسلمت من الإثم ، وإن قدّمت الموسّع فقد امتثلت وأثمت بالمخالفة في التقديم. ( جامع المقاصد : ٥ / ١٢ ). ولم نجد فيه عبارة تصلح سنداً لما ذكره شيخنا الأُستاذ ـ مدّ ظله ـ في المتن ، وهو أعرف بمواقع كلمات الفقهاء.