يلاحظ على نقد المحقّق الخراساني بوجوه :
أوّلاً : أنّ ما ذكره هنا في وصف المعاني الحرفية يغاير مختاره في مقدّمات الكتاب عند البحث عن المعاني الاسمية والحرفية ، فقد ذهب هناك إلى وحدة المعنى الاسمي والحرفي جوهراً وان الاستقلالية والآلية من طوارئ الاستعمال وعوارضه ، فعندئذ تصبح المعاني الحرفية كالاسمية مصباً للإطلاق ، إذ ليس الآلية جزءاً ، كما أنّ الاستقلالية ليست جزءاً بل ذات المعنى عارية عن الآلية والاستقلالية.
ثانياً : سلمنا انّ الآلية جزء للمعنى الحرفي ولكن كون الشيء مفهوماً آلياً ليس بمعنى كونه مغفولاً عنه من رأس حتّى يمتنع التقييد ، بل انّ كثيراً من القيود في الكلام يرجع إلى المعاني الحرفية ، فقولك : ضربت زيداً في الدار ، فالظرف قيد للنسبة ، أي كونه في الدار.
ثالثاً : انّ التفريق بين المقيس والمقيس عليه غير تام إذا قصرنا النظر إلى مقام الثبوت ، فكما أنّ العليّة التي هي المقسم ينقسم إلى قسمين منحصرة وغير منحصرة وكلّ من القسمين يتميز عن المقسم بقيد زائد وإلا عاد القسم مقسماً ، فهكذا الواجب فانّه بما هو هو مقسم والنفسي والغيري من أقسامه ، ومن واجب القسم أن يتميز عن المقسم بقيدين ، وإلا عاد القسم مقسماً ، فالواجب النفسي ما وجب لنفسه أو ما وجب على كلّ تقدير ؛ والواجب الغيري ما وجب لا على كلّ تقدير ، بل إذا وجب الغير (١) ، فأصبح كالعلّة المنقسمة إلى المنحصرة وغير المنحصرة.
والأولى أن يُردّ الاستدلال بوجه حاسم ، وهو انّ قوام الإطلاق كون المتكلّم
__________________
١. نعم قد ذكرنا في أوائل مبحث الأوامر انّه إذا دارت صيغة الأمر بين النفسي والغيري يحمل على الغيري بالبيان المذكور في محله.