التخييري كنسبة نوع إلى نوع كالإنسان بالنسبة إلى الفرس ، فإذا أطلق ولم يذكر عدلاً يحمل على بيان خصوص الوجوب التعييني ، وإلا يلزم أن لا يكون في مقام البيان ، بل في مقام الإهمال والإجمال وهذا خلاف المفروض.
وهذا بخلاف العلّة المنحصرة وغير المنحصرة ، لأنّهما لمّا كانا في مقام الثبوت محددين جوهراً وإنّما الاختلاف في مقام الإثبات إذا أُطلق ولم يقيد بشيء يكون الكلام مجملاً لا محمولاً على الفرد المنحصر ، وإلى ما ذكرنا أخيراً يشير المحقّق الخراساني بقوله : واحتياج ما إذا كان الشرط متعدداً إلى ذلك إنّما يكون لبيان التعدّد لا لبيان نحو الشرطية فنسبة إطلاق الشرط إليه لا تختلف كان هناك شرط آخر أم لا ، حيث كان مسوقاً لبيان شرطيته بلا إهمال ولا إجمال بخلاف إطلاق الأمر فانّه لو لم يكن لبيان خصوص الوجوب التعييني فلا محالة يكون في مقام الإهمال والإجمال. (١)
يلاحظ عليه : أنّ هذا البيان مع طوله غير واف في التفريق ، لأنّه إذا افترضنا انّ نسبة التعيين والتخيير إلى الوجوب نسبة الفصلين المنوعين إلى الجنس ، ونسبة الانحصار وغير الانحصار إلى العلّة نسبة المصنّفات ، ومع ذلك فكلّ من المشبه والمشبه به يشتركان بوجود الاختلاف في الثبوت والإثبات وإلا لأصبح القسم مقسماً ، وذلك لأنّ الواجب التعييني ثبوتاً يختلف مع التخييري ، فالأوّل هو الواجب مطلقاً سواء أتى بشيء أو لا ، والثاني واجب فيما إذا لم يأت بشيء ، فكما أنّ هذه القيود معتبرة في مقام الثبوت ليجعلها نوعين من الوجوب ، فهكذا معتبرة في مقام الإثبات ، لأنّ الإثبات هو المعبر عن الثبوت بالتمام ، فإذا كان القيد مأخوذاً في الثبوت يكون مأخوذاً في مقام الإثبات ، وعندئذ لا معنى للقول بأنّ بيان
__________________
١. الكفاية : ١ / ٣٠٧.