الجامع كاف في إثبات أحد النوعين دون النوع الآخر ، لما عرفت من أنّ النوعين يتميزان ثبوتاً وإثباتاً بقيدين ، فلا يكون بيان الجامع بياناً لأحد من النوعين لا ثبوتاً ولا إثباتاً ، وكون المتكلّم في مقام البيان لا يُلزمنا بالأخذ بالوجوب التعييني ، بل يمكن أن يكشف ذلك عن عدم كون المتكلّم في مقام البيان ، بل هو في مقام الإهمال والإجمال ، بحجة انّ المتكلّم لم يشر إلى أحد القيدين المتنوعين.
ومنه يظهر حال العلّة المنحصرة وغير المنحصرة فهما متميزان في مقام الثبوت بقيدين كما أنّهما متميزان في مقام الإثبات بقيدين أيضاً ، فلا يكون بيان الجامع بياناً لأحد الفردين لا في مقام الثبوت ولا في مقام الإثبات.
فإن قلت : قد تقدّم في الجزء الأوّل في مبحث دوران أمر الصيغة بين النفسي والغيري والتعييني والتخييري ، والكفائي والعيني انّه يحمل على النفسي والتعييني والعيني.
قلت : ما ذكرناه هناك مبني على بيان آخر مذكور في محله ، لا على هذا الأصل الذي بنى عليه حمل الأمر على التعييني. (١)
إلى هنا تمّت الوجوه الخمسة التي ذكرها المحقّق الخراساني وهناك وجه آخر ، وهو الوجه السادس : الذي سمعناه من السيد المحقّق البروجردي في درسه الشريف عام ١٣٦٧ هـ وحاصله :
إنّ مقتضى الترتّب العلّي على المقدّم ، أن يكون المقدّم بعنوانه الخاص علّة ، وهو محفوظ عندما كانت العلّة منحصرة ولو لم يكن كذلك لزم استناد الثاني إلى الجامع بينهما لامتناع استناد الواحد إلى الكثير ، وهو خلاف ظاهر الترتّب على المقدّم بعنوانه. (٢)
__________________
١. إرشاد العقول : ٣ / ٣٤١ ، طبعة بيروت.
٢. نهاية الدراية : ٣٢٢.