٢. انّ الاستطاعة والعجز من الأضداد التي لا ثالث لها ، والإنسان الذي هو الموضوع ، إمّا مستطيع أو غير مستطيع ، فإذا قال : « إن استطعت فحجّ » يدلّ بمفهومه على سلب الوجوب عن غيره. إذ لو كان الحكم ثابتاً عند وجود الشرط وعدمه ، يكون التعليق لغواً ، ولا يتصور فيه قيام سبب آخر مكان الشرط المنتفي ، إذ المفروض انّهما من الأضداد التي لا ثالث لهما.
٣. انّ الظلم والعدل من الأضداد التي لا ثالث لهما ، فإذا قال : « ليس لعرق ظالم حق » (١) فالوصف يدلّ على أنّ عرق غير الظالم له حقّ ، فلو كان الحكم عاماً ، للظالم والعادل يلزم اللغوية ، ولذلك فرّع الفقهاء على القول بالمفهوم في الحديث فروعاً :
١. ما لو زرع أو غرس المفلس في الأرض التي اشتراها ولم يدفع ثمنها ، وأراد بائعها أخذها ، فإنّه لا يقلع زرعه وغرسه مجاناً ولا بأرش ، بل عليه إبقاؤه إلى أوان جذاذ الزرع ، وفي الغرس يباع ويكون للمفلس بنسبة غرسه من الثمن.
٢. لو انقضت مدّة المزارعة ، والزرع باق. ولم يعلما تأخّره عن المدّة المشروطة وقت العقد ، فإنّ الزرع حينئذ لا يقلع أيضاً ، لأنّه ليس بظالم ، نعم يجمع بين الحقّين بالأُجرة. والفرق أنّ المشتري دخل على أن تكون المنفعة له مباحة بغير عوض ، بخلاف العامل.
٣. لو أخذ الشفيع الأرض بالشفعة بعد زرع المشتري. ونظائر ذلك كثيرة. وادّعى بعضهم الإجماع أيضاً على العمل بمفهوم الحديث هنا ، وإن منع من العمل بمفهوم الوصف. (٢)
__________________
١. صحيح البخاري : ٣ / ١٤٠ ، كتاب المزارعة.
٢. تمهيد القواعد : ١١٢.