الثاني : إذا كان المتكلّم بصدد بيان حكم الموضوع بعامة صوره ، كما إذا سئل السائل وقال : ما هو الماء الذي لا ينجس ، حيث تعلّق السؤال بعاصمية مطلق الماء ، سواء أكان ماء غدير ، أو بئر ، أو جار ، أو غير ذلك فإذا أُجيب بأنّ الماء إذا بلغ قدر كرّ لا ينجسه شيء ، بقيد انّ السبب المنحصر للعاصمية ، هو الكرية على نحو لو دلّ الدليل على عاصمية ماء المطر أو الجاري المتصل بالنبع ، أو الماء الواقع تحت المطر عند إصابة النجاسة ، لوقع التعارض بين المفهوم والدليل الدالّ على عاصمية غير الكرّ بخلاف ما إذا سئل عن عاصمية ماء خاص ، كما إذا سئل عن ماء الغدير الذي تلغ فيه الكلاب ، فأجيب : الماء إذا بلغ قدر كرّ لا ينجسه شيء ، فانّ السؤال والجواب قرينة على أنّ السؤال تعلّق ببيان ما هو العاصم للماء الخاص وهو ماء الغدير ، فيكون الجواب مشيراً إلى الموضوع الذي جاء في سؤال السائل ، فعاصمية ماء الغدير وعدمها تدور مدار الكرّيّة وعدمها ، من دون نظر إلى عاصمية مطلق الماء الذي يعم ماء البئر والجاري وما يقع عليه المطر.
هذه هي الضابطة ومع ذلك فاستنباط المفهوم وعدمه من القضية رهن قرائن أُخرى أيضاً ربما تؤيد اشتمالها عليه ، هذا وانّ الإمام الصادق عليهالسلام استدلّ على حرمة لحم الشاة التي ذبحت ولم تتحرك وأُريق منها دم عبيط بمفهوم كلام الإمام علي عليهالسلام.
ففي صحيحة أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللّه عليهالسلام عن الشاة تذبح فلا تتحرك ويهراق منها دم كثير عبيط فقال : لا تأكل انّ عليّاً عليهالسلام كان يقول : إذا ركضت الرِّجْلُ أو طرفت العين فكُلْ. (١) فكلام علي عليهالسلام إنّما يدلّ على الحرمة
__________________
١. الوسائل : ١٦ ، الباب ١٢ من أبواب الصيد والذباحة ، الحديث ١.