على اليتيم وغيره ، لكن لمّا كان المخاطب مبتلى به خاطبه بقوله : إياك وظلم اليتيم.
وربّما يكون الوجه هو دفع توهم عدم الحرمة في مورد الوصف ، كقوله تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَولادكُمْ مِنْ إِمْلاق ) (١) مع أنّ قتل الأولاد حرام ، سواء أكان لغاية الإطلاق أو لا.
وأمّا ما مثّل به المستدلّ فوجه الاستهجان فيه ، عدم مدخلية البياض في الحكم ، لا بنحو العلّة الناقصة ، ولا التامّة ولا المنحصرة ، بخلاف سائر الأمثلة.
٣. الأصل في القيد أن يكون احترازياً
احتجّ القائل بالمفهوم بما اشتهر في الألسن من أنّ الأصل في القيد أن يكون احترازياً ، ولعلّ هذا الدليل من أتقن أدلّة القائل بالمفهوم ، غير أنّه خلط بين القيد الاحترازي والقيد المفهومي ، والقيد الاحترازي عبارة عن مدخلية القيد في الحكم في مقابل القيد الغالبي ، وأمّا كونه دخيلاً على وجه الانحصار ولا يقوم مقامه شيء فهو ممّا لا يفهم من كون القيد احترازياً ، ولأجل إيضاح حال القيود في الكلام نقول : إنّ القيود الواردة في الكلام على أقسام ستة :
١. القيد الزائد ، كقولك : الإنسان الضاحك ناطق ، فانّ الإنسان ناطق ، سواء كان ضاحكاً أو لا. ومثله المثال السابق : الإنسان الأبيض لا يعلم الغيب.
٢. القيد التوضيحي وهو القيد الذي يدلّ عليه الكلام وإن لم يذكر ، كقوله سبحانه : ( وَلا تُكْرِهُوا فَتياتِكُمْ عَلى البِغاء إِنْ أَردن تَحَصُّناً ) (٢) ، فقوله : ( إِنْ أَردن تحصّناً ) قيد توضيحي ، إذ لا يصدق الإكراه إلا معه ويغني عن ذكره قولُه : ( ولا
__________________
١. الأنعام : ١٥١.
٢. النور : ٣٣.