٣. الغاية.
وعندئذ يقع الكلام في كون الغاية جزءاً من المغيّى أو لا ، فعلى الأوّل يشمله حكمه دون الثاني ، وهذا يقتضي أن تكون الغاية قيداً للموضوع لا غاية للحكم ، وإلا يكون الحكم والمغيّى أمراً واحداً كما في قولنا : « كلّ شيء حلال ، حتّى تعلم انّه حرام » فالتفصيل بين كون الغاية قيداً للفعل أو للحكم خارج عن مصبّ البحث ، بل البحث مركّز على ما إذا كانت الغاية قيداً للفعل.
والظاهر عدم الدخول مطلقاً ، إلا إذا دلّ الدليل على الدخول ، أخذاً بالمتبادر :
١. إذا قال : سرت من البصرة إلى الكوفة ، فهو صادق في إخباره إذا انتهى في سيره إلى باب الكوفة وسورها ، وإن لم يدخل المدينة.
٢. إذا قال : قرأت القرآن من أوّله إلى سورة الإسراء ، فهو أيضاً صادق في إخباره إذا لم يقرأ شيئاً من سورة الإسراء.
وقس عليه نظائره ، والظاهر انّ حكم « حتّى » أيضاً حكم « إلى » بشرط أن تكون جارّة لا عاطفة ، فإذا قلت : نمت البارحة حتى الصباح ـ بالجر ـ يصد ق إذا نمت إلى مطلع الفجر نظير قوله تعالى : ( سَلام هي حتّى مطلع الفجر ). (١)
ومن غرائب الكلام الإشكال على هذا النوع من الاستدلال بأنّه لايثبت بذلك حكم العرف ، ولعلّ الصدق لأجل جريان أصل البراءة عن الأكثر.
يلاحظ عليه : بأنّه إنّما يتوجّه لو كان مصب الاستدلال الأمر بالسير أو القراءة إلى الكوفة والاسراء وشك الساري والقاري في مقدار الواجب ، كان عليه
__________________
١. القدر : ٥.