٣. انّ لفظة « بل » وضعت لنقل الحكم من المتبوع إلى التابع فقط مطلقاً كما عن بعضهم أو في الإثبات فقط كما عليه المشهور.
٤. التفصيل بين مورد دون مورد ، وهو خيرة المحقّق الخراساني. وحاصله : انّ الاضراب على أقسام ثلاثة :
١. ما كان لأجل انّ المضرب عنه إنّما أُوتي به غفلة أو سبقه به لسانه فيضرب بها عنه إلى ما قصد بيانه ، كأن يقول : جاءني زيد بل عمرو فيما إذا التفت إلى أنّ قوله : « زيد » غلط أُوتي به غفلة ، ففي مثله لا دلالة لها على الحصر.
٢. ما كان لأجل التأكيد فيكون ذكر المضرب عنه كالتوطئة والتمهيد لذكر المضرب إليه فلا دلالة له على الحصر أيضاً كقوله سبحانه : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى * وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَياةَ الدُّنيا ). (١)
وقوله تعالى : ( وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالحَقّ وَهُمْ لا يُظْلَمُون * بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَة من هذا وَلَهُمْ أَعمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُون ). (٢)
٣. ما كان في مقام الردع وإبطال ما أثبت أوّلاً فيدّل على الحصر ، قال سبحانه : ( وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحمن وَلَداً سُبحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُون ). (٣)
والمعنى بل هم عباد ونحوه قوله سبحانه : ( أَمْ يَقُولُونَ بِه جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلحَقِّ كارِهُون ) (٤) وهو يفيد الحصر.
ولا يخفى انّها لو أفادت الحصر فالحصر إضافي ، أي انّه ليس شأن لملائكة
__________________
١. الأعلى : ١٤ ـ ١٦.
٢. المؤمنون : ٦٢ ـ ٦٣.
٣. الأنبياء : ٢٦.
٤. المؤمنون : ٧٠.