المخصص المنفصل حكماً ابتدائياً من دون سبق العام لما كان حجّة إلا في القدر المتيقّن دون المشكوك فكيف مع ظهور العام؟
وذلك لأنّه لا ملازمة بين عدم الحجّية وبين عدم المانعية عن الاحتجاج بالعام ، فالأوّل مسلم إذ ليس المخصص حجّة في المشكوك ولكن الثاني غير معلوم ، فانّ المنفصل المجمل يصير كالقرينة الحافة بالكلام التي توجب إجمال الكلام.
وما ذكرنا هو الوجه في التوقّف في العمل بالعام ، وقد أشار إلى بعض ما ذكرناه شيخ مشايخنا العلاّمة الحائري وإن عدل عنه في هامش كتابه ، قال : إذا صارت عادة المتكلم جارية على ذكر المخصص منفصلاً عن كلامه ، فحال المنفصل في كلامه ، حال المتصل في كلام غيره ، فيحتاج في العمل بالعام إلى أحد أمرين :
١. القطع ببقائه تحت العام.
٢. الأصل.
أمّا الأوّل فغير موجود ، وأمّا الثاني فجريانه مخصوص بمورد لم يوجد فيه ما يصلح لأن يكون مخصصاً. (١)
ثمّ إنّه قدسسره عدل عمّا ذكر في الهامش ، وحاصله : انّه لو صحّ ما ذكر لما جاز تمسّك أصحاب الأئمّة بكلام إمام زمانهم ، لأنّه كالتمسّك بصدر كلام متكلم قبل مجيء ذيله ، مع أنّ ديدنهم جرى على التمسّك.
يلاحظ عليه : أنّه لم يثبت انّهم كانوا يتمسّكون بعموم العام ، مع احتمال
__________________
١. درر الفوائد : ١ / ٢١٥ ، ط جماعة المدرسين.