التطبيقات ووافقهم من المتأخرين المحقّق النهاوندي ( المتوفّى ١٣١٧ ) في كتاب « تشريح الأُصول » والمعروف بين المتأخرين هو عدم الجواز ، ولنذكر أدلة المجوزين ، حيث استدلّوا بوجوه :
الأوّل : مزاحمة الحجّة بغير الحجّة
انّ الخاص إنّما يزاحم العام فيما كان فعلاً حجّة ( ما علم أنّه مصداق له كمعلوم الفسق ) ، ولا يكون حجّة فيما اشتبه انّه من أفراده فخطاب : « لا تكرم فسّاق العلماء » لا يكون دليلاً على حرمة إكرام من شكّ في فسقه من العلماء ، فلا يزاحم مثل أكرم العلماء ولا يعارضه ، فانّه من قبيل مزاحمة الحجّة بغير الحجّة. (١)
حاصله : انّ الحجّة عبارة عن ضم الكبرى إلى صغرى محرزة فيقال هذا خمر ، وكلّ خمر حرام ، وأمّا المقام فالكبرى ( لا تكرم فسّاق العلماء ) وإن كانت محرزة لكن الصغرى ( كون زيد فاسقاً ) غير محرز ، فلا يحتجّ بالخاص فيه ، وهذا بخلاف جانب العام ، فانّ الحجّة بكلا جزئيها محرزة حيث نعلم أنّه عالم ، وكلّ عالم يجب إكرامه ، فرفع اليد عن الثاني من قبيل مزاحمة الحجّة بغير الحجّة.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني أجاب عن الاستدلال بقوله : « إنّ الخاص وإن لم يكن دليلاً في الفرد المشتبه فعلاً ، إلا أنّه يوجب اختصاص حجّية العام في غير عنوانه ( الخاص ) من الأفراد ، فيكون أكرم العلماء دليلاً وحجّة في العالم غير الفاسق ، فالمصداق المشتبه وإن كان مصداقاً للعام بلا كلام ، إلا أنّه لم يعلم أنّه من مصاديقه بما هو حجّة لاختصاص حجّيته بغير الفاسق.
وبالجملة : العام المخصّص بالمنفصل وإن كان ظهوره في العموم كما إذا لم
__________________
١. الكفاية : ١ / ٣٤٢ ، ولاحظ تشريح الأُصول للمحقّق النهاوندي : ٢٦١ ـ ٢٦٢.