هذا كلّه حول أصل العدم الأزلي في نظر المحقّق الخراساني ، وإليك دراسة ما أفاده المحقّق النائيني من التفصيل بين القيد المقسِّم والقيد المقارن.
التفصيل بين القيد المقسِّم والمقارن
إنّ المحقّق النائيني لمّا لم يرتض ما أفاده المحقّق الخراساني حول استصحاب العدم الأزلي حاول إصلاح النظرية بالفصل بين القيد المقسِّم والقيد المقارن ، فنفى حجّية الأصل الأزلي في الأوّل وأثبت حجّيته في الثاني ، وبذلك صار مفصِّلاً في حجّية الأصل الأزلي لا مثبتاً مطلقاً كالمحقّق الخراساني ولا نافياً كغيره.
وإيضاح مقصوده رهن الكلام في موضعين :
الأوّل : ما هو المراد من القيد المقسِّم والمقارن؟
إذا كان القيد قائماً بالموضوع ، مقسِّماً له بالذات أو حسب الوصف إلى قسمين ، كتقسيم القرشية والنبطية ، والمرأةَ إلى قسمين ، فيقال : قرشية وغير قرشية ، نبطية وغير نبطية ، فهذا ما نسمّيه بالقيد المقسِّم ، ويشترط فيه قيامه بالموضوع على نحو يجعل الموضوع قسمين.
وأمّا إذا كان القيد جوهراً قائماً بنفسه ، كوجود زيد ، أو عرضاً قائماً بموضوع آخر لا بموضوع العام فهذا ما نسمّيه بالقيد المقارن ، وذلك كما إذا قال : أكرم العالم عند وجود زيد ، أو قال : أكرم العالم عند مجيء زيد ، فوجود زيد جوهر قائم بنفسه لا بالعارض ، كما أنّ مجيئه قائم بزيد لا بموضوع الحكم ( العالم ) ، ولأجل ذلك يعدّ الكلّ من المقارنات الاتفاقية أو الدائمية.