الجهة الأُولى : في صحّة تكليف المعدوم وعدمها
فنقول : إنّ المحقّق الخراساني صوّرها بوجوه ثلاثة :
١. أن يتوجّه إليه البعث والزجر الفعليان بأن يكون هناك بعث وزجر ، وهذا ما لا يتمشى من الإنسان العاقل ، وإلى هذا القسم ينظر كلامه حيث قال : لا ريب في عدم صحّة تكليف المعدوم عقلاً بمعنى بعثه أو زجره فعلاً. (١)
نعم ذهب بعض الحنابلة إلى جواز تكليف المعدوم ، واستدلّوا على جوازه بآيتين مباركتين تاليتين :
أ. ( إِنّما أمرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون ) (٢) حيث إنّه يكلّف المعدوم بقبول الوجود والتكون.
ب. ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَني آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وأشْهَدَهُمْ عَلى أَنفُسِهِمْ أَلستُ بِربِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدنا أَن تَقُولُوا يَومَ القِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هِذا غافِلين ) (٣) حيث إنّه سبحانه كلّفهم بالشهادة على ربوبيته فأجابوا بقولهم : بلى.
والاستدلال واه جداً.
أمّا الآية الأُولى : فلأنّها بصدد بيان انّ إرادة اللّه سبحانه نافذة في كلّ شيء ممكن ، وانّها إذا تعلّقت بتحقّق شيء ووجوده ، يتحقّق فوراً بلا تريث وتربّص لا انّ هناك خطاباً لفظياً بلفظة « كن » ومخاطباً واقعياًً حتّى يكون دليلاً للحنابلة ، هذا وقد فسّر الإمام علي عليهالسلام الآية المباركة بقوله : « يقول لمن أراد كونه ، كن ،
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٣٥٥.
٢. يس : ٨٢.
٣. الأعراف : ١٧٢.