القسم ينظر قول المحقّق الخراساني : نعم هو بمعنى مجرّد إنشاء الطلب بلا بعث ولا زجر ولا استحالة فيه أصلاً ، فانّ الإنشاء خفيف المؤونة ، فالحكيم تبارك وتعالى ينشأ على وفق الحكمة والمصلحة ، ويطلب شيئاً قانوناً من الموجود والمعدوم حين الخطاب ليصير فعلياً بعد ما وجد الشرائط وفقد الموانع بلا حاجة إلى إنشاء آخر. (١)
يلاحظ عليه : أوّلاً : أنّ الإنشاء وإن كان خفيف المؤونة لكن فيما إذا كان له معنى متصوّر ، والمعدوم ليس من أفراد الناس حتّى يكون محكوماً بحكم إنشائي وإيقاعي ، وإنّما يتصور الحكم الفعلي أو الإنشائي فيما إذا كان المكلّف موجوداً ، فتارة يكون الحكم في حقّه فعلياً وأُخرى إنشائياً ، وأمّا إذا لم يكن منه أي أثر وأي ميز فكيف يمكن أن يحكم على المعدوم والمجهول المطلق بحكم وقد اشتهر قولهم : « المجهول المطلق لا يمكن الإخبار عنه » ، وما استشهد في كلامه من الوقف على البطون المتعددة المتلاحقة سوف يوافيك انّ كيفية الوقف بشكل آخر.
وثانياً : أنّ الحكم الإنشائي الصادر لا لغرض البعث ، بل لغاية التحسّر والتضجّر ، لا يصير فعلياً عند تحقّق الموضوع والصادر لغاية البعث لا يتعلّق بالمعدوم ويكون لغواً.
٣. إنشاء الحكم مقيداً بوجود المكلّف وكونه جامعاً للشرائط ، وإليه أشار المحقّق الخراساني بقوله :
وأمّا إذا أنشأ مقيداً بوجود المكلّف ووجدانه للشرائط فإمكانه بمكان من الإمكان. (٢)
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٣٥٥.
٢. كفاية الأُصول : ١ / ٣٥٦.