وهذا الوجه هو المصحّح لشمول الخطابات الشفاهية للغائبين والمعدومين لكن بتقرير يتوقّف بيانه على توضيح أقسام القضايا من حيث الموضوع ، فنقول :
تقسم القضايا من حيث الموضوع إلى ذهنية وخارجية وحقيقية.
أمّا الذهنية فهي عبارة عمّـا إذا حكم على موضوع في الذهن ، وهو على قسمين :
تارة يكون على وجه يمتنع عليه الوجود في الخارج ، كقولنا : اجتماع النقيضين محال.
وأُخرى لا يمتنع ، وإن كان غير موجود بالفعل ، كقولنا : بحر من زيبق بارد أو جبل من الذهب لامع ، فانّ الموضوع في القضيتين ليس له وجود إلا في الذهن وإن أمكن وجوده في الخارج.
فإن قلت : ما الفرق بين الذهنية والطبيعية حيث إنّ للقضايا تقسيماً آخر باعتبار حالات الموضوع ، فتنقسم إلى : شخصية كقولنا زيد قائم ، وطبيعية كما إذا كان الحكم على الماهية بما هي هي ، مثل قولنا : الإنسان نوع أو الإنسان كلّي.
قلت : الفرق بينهما انّ الموضوع في الطبيعية هي الماهية من دون نظر إلى الخارج ، ولذلك قلنا : إنّ الموضوع الماهية بما هي هي ، وهذا بخلاف الذهنية ، فإنّ الحكم فيها على الموجود في الذهن بما انّه يحكي عن الخارج ولو بالامتناع أو عدم الوجود ، كما في المثالين : اجتماع النقيضين محال أو بحر من زيبق بارد.
وأمّا الخارجية والحقيقية فهما يشتركان في أنّ الحكم في كلتا القضيتين على العنوان لا على الافراد ، غير أنّ العنوان في إحدى القضيتين على وجه لا ينطبق إلا على الافراد الموجودة حين التكلّم بخلاف الأُخرى ، فإنّ العنوان فيها ذو قابلية