الأوّل : تخصيص العام بالمفهوم الموافق
إذا كان في مورد عام ومفهوم موافق ، فهل يقدّم العام على المفهوم ويلغى الثاني ، أو يقدّم المفهوم على العام ويخصص الثاني؟ مقتضى القواعد هو التخصيص لا الإلغاء ، لأنّ كلاً منها دليل شرعي يجب إعماله حسب ما أمكن عرفاً ؛ ففي الأوّل إلغاء للحجة الشرعية من رأس ، وفي الثاني إعمال لهما ، ويقدّم الثاني على الأوّل.
وأيضاً لو كان مكان المفهوم دلالة منطوقية كانت مقدّمة على العام ومخصّصة له ، فهكذا الدلالة المفهومية إذ لانتقص الثانية عن الأُولى وليس إحداهما أقوى من الأُخرى ، بل ربما يكون المفهوم أقوى ولا يُساق الكلام إلا لإفهامه.
نعم ربما يشترط كون المفهوم أخص مطلقاً لا عموماً من وجه وهو شرط زائد ، لأنّه ليس من شرائط كون المفهوم مخصصاً ، بل هو من شرائط كلّ مخصص ، سواء أكان لفظياً أو مفهومياً.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني ادّعى الاتّفاق في تخصيص العام بالمفهوم الموافق ، وعلّله السيد الحكيم قدسسره في تعليقته على الكفاية بأنّ إلغاء المفهوم الموافق ينتهي إلى إلغاء المنطوق أيضاً ، وذلك لاشتراكها في الحكم ، بل ربما يكون ثبوت الحكم في المفهوم أقوى من ثبوته في المنطوق ، فإذا ألغى الحكم في جانب المفهوم يصبح الإلغاء في جانب المنطوق أولى.
يلاحظ على ما ذكره المحقّق الخراساني بعدم وجود الاتفاق ، وهذا هو الشارح العضدي يظهر منه كون المسألة غير اتفاقية حيث قال : الأظهر هو التخصيص به. (١)
__________________
١. شرح العضدي على مختصر ابن الحاجب : ٢٧٥.