قَوْماً بِجَهالَة فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمين ). (١)
إنّ صدر الآية مشتمل على المفهوم وهو عدم لزوم التبيين إذا جاء العادل بالنبأ ، سواء قلنا بأنّه مقتضى مفهوم الشرط أو الوصف ، لكن الذيل مشتمل على تعليل يعم نبأ العادل والفاسق ، وهو قوله سبحانه : ( ان تصيبُوا قَوماً بجهالة ) ، فلو كانت الجهالة بمعنى عدم العلم القطعي بالواقع فهو مشترك بين نبأ العادل والفاسق ، وقبح إصابة القوم بجهالة ، لا يختص بقوم دون قوم.
وعند ذاك فقد اختلفت كلمات المتأخرين في تقديم واحد منهما على الآخر لا اختلافاً في الكبرى ، بل اختلافاً في قوة دلالة العام.
فالشيخ الأعظم ، على تقديم التعليل العام على المفهوم لقوة دلالته لعدم اختصاص قبح الإصابة بمورد دون مورد ، ولكن المحقّق النائيني على العكس ـ أي تقديم المفهوم على العام ـ لأنّ خبر العدل بعد صيرورته حجّة ، يخرج عن كونه إصابة قوم بجهالة ، وتكون القضية المشتملة على المفهوم حاكمة على عموم التعليل. (٢)
يلاحظ عليه : بأنّه مبني على تفسير الجهالة في الآية بمعنى « عدم العلم » فيعمّم ـ عندئذ ـ كلا الخبرين ، وأمّا إذا كان المراد بها ، ضد الحكمة ، فلا يعمّ خبر العادل ، إذ لا يعد العمل بقول الثقة ، أمراً على خلاف الحكمة ، مثل قوله سبحانه : ( انَّهُ مَنْ عَمِلَ سُوءاً بِجهالَة ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيم ). (٣)
كما يرد على المحقّق النائيني أنّ الحكومة أمر قائم بلسان الدليل على نحو
__________________
١. الحجرات : ٦.
٢. فوائد الأُصول : ٢ / ١٧٢.
٣. الأنعام : ٥٤.