وقد تطلق ويراد بها إحصان التزوّج حيث إنّ المتزوّجة تُحْصِن نفسها ، والمراد كما عرفت هو الأوّل ، وذلك لأنّ الميزان في حرمة القذف هو كون المرأة متعفّفة لا متزوّجة ، وإن كان مورد نزول الآية هو المتزوّجة.
نعم للإحصان في القرآن الكريم إطلاقات.
فتارة يطلق ويراد منه احصان التزوّج ، كما في قوله : ( والمُحْصناتُ مِنَ النِّساءِ إلا ما مَلَكَتْ أيْمانُكُم ) (١) أي حرّمت عليكم ذوات الأزواج إلا من سُبيت في الحرب منهم.
وأُخرى : إحصان الحرية ، كقوله سبحانه ( ومَنْ لم يَستَطِعْ مِنْكُم طَولاً أن يَنكِحَ المُحْصَناتِ المؤمِناتِ ). (٢) أي الحرائر المؤمنات.
وثالثة : إحصان التعفّف كما في الآية المتقدّمة ، كقوله سبحانه : ( ولا تُكْرِهُوا فَتياتِكُمْ على البِغاءِ إِن أَردْنَ تَحَصُّناً ) (٣) ، أي إذا أردن العفة وصيانة النفس عن الفجور.
إذا علمت ذلك ، فاعلم أنّه يقع الكلام في مقامين :
أحدهما في مقام الثبوت ، والآخر في مقام الإثبات. ويراد من الأوّل إمكان الرجوع إلى الجميع ، ومن الآخر استظهار ظهور الجملة في أيّ واحد منهما. وإليك الكلام فيهما.
الأوّل : في مقام الثبوت وإمكان الرجوع إلى الجميع
هل رجوع الاستثناء إلى عامّة الجمل المتقدّمة أمر ممكن أو لا؟ يظهر من
__________________
١. النساء : ٢٤.
٢. النساء : ٢٥.
٣. النور : ٣٣.