أقول : الروايات الواردة حول كون الحديث موافقاً للكتاب أو مخالفاً له ، تُدرس في مقامين :
١. في باب جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد ، بحجّة انّ المخصص مخالف أو ليس بموافق.
٢. في باب حجّية خبر الواحد ، حيث يستدلّ المانع بهذه الروايات على عدم حجّية الخبر الواحد ، مخصصاً كان أو لا.
واعلم أنّ هذه الروايات ليست على صنف واحد ، بل على أصناف أربعة ، والمهم هو الصنف الثالث ، أعني : ما يدلّ على عدم حجّية المخالف للكتاب بناء على أنّ المخصص مخالف ، وإليك بيان الأصناف إجمالاً.
الأوّل : ما لا يعترف بحجّية الخبر الواحد ، إلا إذا كان موافقاً للكتاب ، أو كان له شاهد أو شاهدان منه ، نظير ما رواه أيوب بن راشد عن أبي عبد اللّه عليهالسلام قال : « ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف ». (١)
وهذا الصنف من الروايات ، لا يمكن الأخذ بظاهرها ، إذ معنى ذلك ، إلغاء حجّية الخبر الواحد من رأس ، والمفروض حجّيته وإنّما الكلام في سعتها وضيقها ، وهي محمولة على مورد العقائد حيث إنّ الغلاة يروون أحاديث في مقامات الأنبياء والأولياء حسب أهوائهم ، فلم يكن في علاجها محيص عن عرضها على الكتاب لتُعلم صحّة الرواية وفسادها.
وأمّا الروايات الواردة حول الأحكام فيؤخذ بها وإن لم تكن موافقة ، غاية الأمر يجب أن لا تكون مخالفة له ، وأمّا الوارد في العقائد والأُصول خصوصاً فيما
__________________
١. الوسائل : ١٩ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٢ ، ولاحظ الحديث ١١ ، ١٤ ، ١٨ ، ٣٧ ، ٤٧ من هذا الباب.