ولا يذهب عليك أنّ أحد الملاكين في الصنف الرابع خاص ( كونه موافقاً للكتاب ) والآخر عام ( عدم كونه مخالفاً ) فالأوّل رهن وجود مضمون الحديث في الكتاب ، وأمّا الثاني فيكفي عدم المخالفة ، سواء أكان موافقاً كما إذا كان المضمون موجوداً ، أم لم يكن موافقاً وفي الوقت نفسه لم يكن مخالفاً كما إذا لم يكن مضمونه وارداً في الكتاب ، مثلاً ما دلّ على عدم جواز الصلاة في عرق الجنب عن حرام ليس موافقاً للكتاب ومع ذلك ليس مخالفاً أيضاً ، ولعلّ العرف يأخذ بالملاك الأعم ، لأنّ الأخص موجود في الأعم ، فالميزان هو عدم المخالفة ، فعندئذ يرجع الصنف الرابع إلى الصنف الثالث. وتكون النتيجة عدم حجّية الخبر المخالف للكتاب والمفروض انّ المخصص مخالف للكتاب.
إلى هنا تمّ تقرير دليل الخصم.
يلاحظ عليه : بأنّ الروايات الناهية عن الأخذ بالخبر المخالف يفسر بأحد وجهين :
الأوّل : أنّها محمولة على التباين الكلّي بأن يكون الحديث مخالفاً للكتاب تماماً ، وذلك لأنّ المخالفة على نحو العموم والخصوص ليست مخالفة في دائرة التقنين والتشريع ، بشهادة انّه يجوز تخصيص الكتاب بالسنّة المتواترة ، والسنّة المحفوفة بالقرائن ، فلو كانت المخالفة تعمّ هذا القسم يجب أن لايخصّص الكتاب بالسنّة أبداً ، لأنّ لسان هذه الروايات آب عن التخصيص.
فإن قلت : حمل هذه الروايات على الخبر المباين يوجب حملها على الفرد النادر ، لعدم وجود الخبر المباين في الروايات ، فيكون الكلام بعيداً عن البلاغة.
قلت : إنّ علماءنا الأبرار بذلوا جهوداً جبارة في تهذيب أحاديث الشيعة عن الموضوعات ، فلا تجد المباين في الجوامع الحديثية إلا نادراً ، وإلا فقبل دورة