روى ابن جرير باسناده عن مجاهد قال :
قال علي عليهالسلام : آية من كتاب اللّه لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان عندي دينار فصرّفته بعشرة دراهم ، فكنت إذا جئت إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تصدّقت بدرهم ، فنسخت ، فلم يعمل بها أحد قبلي ( إِذا ناجَيْتُم ). (١)
قال الشوكاني : وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عنه ( علي بن أبي طالب عليهالسلام ) قال : ما عمل بها أحد غيري حتّى نسخت ، وما كانت إلا ساعة ، يعني : آية النجوى. (٢)
دلّت الآية المباركة على أنّ تقديم الصدقة بين يدي مناجاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم خير ، وتطهير للنفوس ، والأمر به أمر بما فيه مصلحة العباد. ودلّت على أنّ هذا الحكم إنّما يتوجّه على من يجد ما يتصدّق به ، أمّا من لا يجد شيئاً فانّ اللّه غفور رحيم.
قال المحقّق الخوئي : ولا ريب في أنّ ذلك ممّا يستقلّ العقل بحسنه ويحكم الوجدان بصحّته ، فإنّ في الحكم المذكور نفعاً للفقراء ، لأنّهم المستحقّون للصدقات ، وفيه تخفيف عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فانّه يوجب قلّة مناجاته من الناس ، وانّه لايقدم على مناجاته ـ بعد هذا الحكم ـ إلا من كان حبّه لمناجاة الرسول أكثر من حبّه للمال.
ولا ريب أيضاً في أنّ حسن ذلك لا يختصّ بوقت دون وقت ، ودلّت الآية الثانية على أنّ عامّة المسلمين غير علي بن أبي طالب أعرضوا عن مناجاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إشفاقاً من الصدقة وحرصاً على المال. (٣)
__________________
١. تفسير الطبري : ٢٨ / ١٥.
٢. فتح القدير : ٥ / ١٨٦.
٣. تفسير البيان : ٣٧٦.