الأمر الثالث
البداء
البداء مسألة كلامية لا صلة له بعلم الأُصول ، والفرق بين النسخ والبداء أنّ الأوّل نسخ في التشريع والثاني نسخ في التكوين ، ولأجل ذلك ناسب أن نردف البحث في النسخ ، بالبحث في البداء.
البداء من المسائل الشائكة لمن لم يتدبّر فيها ، ومن المطالب الواضحة لمن تدبّر ، وسيظهر أنّ النزاع فيها لفظي لا معنوي كما سيوافيك ، وتحقيق البحث ضمن أُمور :
١. البداء في اللغة
البداء في اللغة هو ظهور ما خفي ، وقد اتّفق عليه أصحاب معاجم اللغة ، ويدلّ عليه قوله سبحانه في حقّ المشركين يوم القيامة : ( وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزءُون ). (١)
أي ظهر لهم آثار ما عملوا من السيِّئات بعدما خفيت عليهم ، وأحاط بهم ما كانوا به يستهزئون.
وقال عزّ من قائل : ( ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الآياتِ ليَسجُنُنَّهُ حَتّى
__________________
١. الجاثية : ٣٣.