حين ). (١) أي ظهر لهم بعدما رأوا الآيات الدالّة على براءة يوسف أن يسجنوه إلى حين ينقطع فيه كلام الناس.
فالبداء بهذا المعنى من خصائص من كان جاهلاً بعواقب الأُمور ثمّ يبدو له ما خفي عليه ، ولأجل ذلك لم يُنسَب البداءُ في القرآن إلى اللّه سبحانه ، بل إلى غيره ، لأنّه استعمل في الكتاب العزيز بالمعنى الحقيقي ، ويستحيل أن يوصف به العالم بعواقب الأُمور.
٢. إحاطة علمه سبحانه بعامّة الأشياء
اتّفق الإلهيون إلا الشاذّ منهم على أنّه سبحانه عالم بما وقع وما يقع قبل وقوعه ، وهو بقيوميته وإحاطته بالأشياء لا يتصوّر في حقّه الجهل أو الظهور بعد الخفاء ، وأظهر آية تدلّ على ذلك قوله سبحانه : ( ما أَصابَ مِنْ مُصيبَة فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسكُمْ إِلاّ في كِتاب مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرأَها إِنَّ ذلكَ عَلى اللّهِ يَسير ). (٢)
ثمّ إنّ البحث في البداء يقع في مقامين :
مقام الثبوت ، ومقام الإثبات. وإليك الكلام في المقام الأوّل :
٣. البداء في مقام الثبوت
اتّفق الإلهيون على أنّ للإنسان أن يغيّـر ما قُدِّر له ، ولم يخالف في ذلك إلا اليهود حيث ذهبوا إلى استحالة تعلّق مشيئة اللّه بغير ما جرى به قلم القضاء والقدر ، وقد تبلورت تلك العقيدة في كلامهم « يَدُ اللّه مَغْلُولة » قال سبحانه حاكياً
__________________
١. يوسف : ٣٥.
٢. الحديد : ٢٢.