فهو في كلّ يوم في شأن ، وانّه جلّ وعلا يبدأ ويعيد ، يزيد في الرزق والعمر وينقص ، كلّ ذلك حسب مشيئته الحكمية والمصالح الكامنة ، فكما هو عالم بالتقدير الأوّل عالم في نفس الوقت بأنّه سوف يزول ويخلفه تقدير آخر لكن لا بمعنى وجود الفوضى في التقدير ، بل بتبعية كلّ تقدير لملاكه وسببه.
ثمّ إنّ الآيات الدالّة على أنّ التقدير يغيّر بصالح الأعمال وطالحها على قسمين :
تارة يؤكد على الضابطة ، وأُخرى يعيّن الموضوع الذي به يتغيّر ما هو المقدّر.
أمّا القسم الأوّل كقوله سبحانه : ( ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغيّراً نِعْمَةً أَنعَمَها عَلى قَوم حتّى يُغَيِّرُوا مابأَنْفُسِهِمْ ). (١)
وقوله : ( إِنّ اللّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْم حتّى يُغَيّرُوا ما بأَنْفُسِهمْ ). (٢)
وقوله سبحانه : ( ولَوْ أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكات مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فأَخَذْناهُمْ بِما كَانُوا يَكْسِبُون ). (٣)
وقوله سبحانه : ( يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتاب ). (٤)
إلى غير ذلك من الآيات المؤكدة على انّ العمل يغيّر ما قُدِّر ، سواء أكان صالحاً أم طالحاً.
وأمّا القسم الثاني ما يؤكّد على أنّ عملاً خاصاً مثلاً يغيّر المصير ، وهذا كالاستغفار والتسبيح والكفران بنعمة اللّه.
__________________
١. الأنفال : ٥٣.
٢. الرعد : ١١.
٣. الأعراف : ٥٦.
٤. الرعد : ٣٩.