وإنّما المهم في المقام هو الإطلاق الذاتي ، والمراد وجود الخطاب في حالتي الفعل والترك بنفسه وباقتضاء هويته الذاتية ، فالخطاب في قوله « أزل النجاسة » عام يشمل صورة الإزالة وعدمها ، نظير قولك : الإنسان موجود ، فالموضوع ذات الإنسان لا بوصف الوجود ، وإلا لانقلبت النسبة إلى الضرورة ؛ ولا بوصف العدم ، وإلا لانقلبت إلى الامتناع بل الماهية المعراة من كلّ قيد ومنه الوجود والعدم.
وفي المقام يتعلّق الوجوب بذات الإزالة لا بقيد الوجود الذي نعبر عنه بالامتثال ، ولا بقيد العدم الذي نعبر عنه بقيد العصيان ، فينتج انّ خطاب أزل النجاسة محفوظ في حالتي الوجود والعدم والامتثال والعصيان.
هذا كلّه حول الأمر بالأهم ، وأمّا الأمر بالمهم فنلفت نظرك إلى أمرين :
١. ما مرّ في المقدّمة الثانية من أنّ الشرط أي العصيان موضوع في الأمر بالمهم فمرجع قولك : « وإن عصيت فصلّ » إلى قولك : « أيها العاصي صلّ » ، ومن الواضح انّ الحكم لا يتكفّل حال موضوعه من وضع أو رفع ، بل هو حكم على تقدير وجوده ومشروط به.
وبعبارة أُخرى : قولك : « أيّها العاصي صلّ » بمعنى انّه إن وجد العصيان صدفة فصلّ وليس الأمر بالصلاة داعياً إلى إيجاد العصيان ، لأنّ الحكم لا يثبت موضوعه.
إذا عرفت معنى الإطلاق في الأهم أي كونه محفوظاً في حالتي العصيان والامتثال ، وعرفت أنّ العصيان مأخوذ في موضوع الأمر بالمهم من دون أن يكون للأمر دعوة إلى إيجاد موضوعه أي العصيان ، يظهر لك انّ الأمر بالصلاة في طول الأمر بالإزالة وذلك ببيانين :