ردّ التسوية التي كان المشركون يتبنّونها. وكانوا يقولون : ( إِنّما البيع مثل الربا ) ويسوّون بين البيع والربا ، بل كانوا يجعلون الربا أصلاً والبيع فرعاً ، ولذلك شبهوا البيع بالربا ، فردّ اللّه سبحانه هذه التسوية وقال : ( وأَحلّ اللّهُ البيعَ وحرّم الرّبا ) فالتسوية غير صحيحة ، فالآية عند الإمعان ليست في مقام بيان أجزاء البيع وشرائطه ، فلو شككنا في شرطية العربية للصيغة لا يصحّ لنا التمسّك بإطلاقها ، بل الآية في مقام نفي التسوية وأمّا انّ للبيع شرائط أو لا فالآية ساكتة عنه.
ثمّ إنّ شيخ مشايخنا العلاّمة الحائري أنكر هذه المقدّمة ، وقال :
إنّ المهملة مردّدة بين المطلق والمقيّد ولا ثالث ، ولا إشكال أنّه لو كان المراد هو المقيّد تكون الإرادة متعلّقة بالمقيّد أصالة وإنّما تُنسب إلى الطبيعة بالتبع لمكان الاتحاد ، مع أنّ ظاهر قولنا : « جئني برجل » انّ الإرادة متعلّقة بالذات بنفس الطبيعة ، لا انّ المراد هو المقيّد وإنّما أُضيف الحكم إلى الطبيعة لمكان الاتّحاد ، ومع تسليم هذا الظهور تسري الإرادة إلى تمام الأفراد وهذا معنى الإطلاق. (١)
يلاحظ عليه : بأنّه إذا كان المتكلّم في مقام بيان ما هو دخيل في موضوع الحكم يصحّ لنا الأخذ بهذا الظهور دونما إذا كان في مقام الإهمال والإجمال فلا يصحّ أن يؤخذ بهذا الظهور ، مثلاً إذا قال : الغنم حلال ، والكلب حرام ، فهل يمكن لنا الأخذ بإطلاق القضية الأُولى والحكم بأنّ الغنم الموطوء أو الجلاّل حلال كلا ولا. وما ذلك إلا لأنّ الظهور عندئذ بدوي يزول بالتأمل إذا أحرزنا انّ المتكلّم في مقام الإجمال والاهمال.
والحاصل : أنّ قوله : « انّ ظاهر قولنا : جئني برجل ، إنّ الإرادة متعلّقة بالذات بنفس الطبيعة لا انّ المراد هو المقيّد وإنّما أُضيف الحكم إلى الطبيعة لمكان
__________________
١. درر الأُصول : ١ / ١٠٢.