المقدّمة الثانية : انتفاء القرينة
هذه هي المقدّمة الثانية ، وربّما يعبّر عنها بانتفاء ما يوجب التعيين. وعلى أيّ تقدير فالقرينة المتّصلة تمنع عن انعقاد الإطلاق ، والمنفصلة تمنع عن حجّيته ، بعد انعقاده ، وهذا نظير المخصِّص المتصّل والمنفصل للعام ، فالأوّل منهما يمنع عن انعقاد العموم ، والثاني يمنع عن حجّيته كما مرّ تفصيله في مبحث العام والخاص.
وأمّا عدم الانصراف إلى فرد أو صنف فهو داخل تحت هذه المقدّمة ، وذلك لأنّ الانصراف ينقسم إلى بَدئيّ ، وغير بَدئيّ.
أمّا الأوّل : فهو الذي يزول بالتأمّل كالقول بأنّ الأكل والشرب من المفطِّرات فهو ينصرف في بدء الأمر إلى ما هو المأكول والمشروب عادة ، ولكنّه بَدئيّ يزول بالتأمّل ، بل المبطل مطلق الأكل والشرب وإن كان غير متعارف كأكل ورق الشجر وشرب بول ما يؤكل لحمه ، فهو لا يمنع عن حجّية الإطلاق ، فضلاً عن انعقاده ، إذ لا يصحّ أن يُعتمد على مثل ذلك الانصراف البدئي المتزلزل غير المستقرّ.
وأمّا الثاني : أي غير البدئيّ فهو على قسمين :
تارة يكون الانصراف على حدّ يوجب مهجورية المعنى الأوّل ( المطلق ) ومتروكيته ، وأُخرى لا يكون على هذا الحدّ.
أمّا الأوّل ، فيمنع عن انعقاد الإطلاق كما هو الحال في ألفاظ الصلاة والزكاة والحجّ في عصر الصادقين عليهماالسلام.
وأمّا الثاني ، فيكون من قبيل القرينة المنفصلة فهو يمنع عن حجّية الإطلاق لا عن انعقاده ، وهذا كلفظ « حرام الأكل » فانّه وإن كان يشمل الإنسان لغة ،