إذ عندئذ يصدق بأنّه لم يخل بغرضه ، وأمّا بيان تمام المراد من دون وقوف المخاطب على أنّ المتكلّم بيّن تمام المراد ، بل احتمل أنّ تمامه هو الجامع بين المورد المتيقّن والمشكوك ، ففي مثله يصدق أنّه أخلّ ببيان تمام المراد عند المخاطب ، لأنّ المدار في صدق عدم الإخلال والإخلال ، هو التفات المخاطب بأنّه بيّن تمام المراد ، وعدم التفاته ، لا بيانه واقعاً وإن لم يلتفت إليه المخاطب ، فلو اعتمد في مقام بيان المراد ، على وجود القدر المتيقّن في ذهن المخاطب حين الخطاب ، مع وجود الشكّ في ذهن المخاطب في أنّه تمامه أو بعضه ، فقد أخلّ بالغرض ، إذ لم يصدر منه بيان ، يوقف المخاطب على أنّه تمام المراد فقط ، بل صار متحيّراً في أنّه تمام المقصود أو بعضه ، فلا يصحّ في منطق العقل الاكتفاء بهذا البيان الذي لم يلتفت إليه المخاطب.
ولذلك ذهب شيخ مشايخنا العلاّمة الحائري إلى عدم اعتبار هذه المقدّمة وقال : إنّ اللازم أن يكون اللفظ الملقى إلى المخاطب كاشفاً عن تمام مراده ، وهذا ملازم لصحّة حكم المخاطب أنّ هذا تمام مراده ، والمفروض عدم صحّة حكم المخاطب بكون القدر المتيقّن تمام مراده ، فيقال : لو كان مراده مقصوراً على المتيقّن لبيّنه لكونه في مقام البيان. (١)
وثانياً : إذا كان القدر المتيقّن في زمان التخاطب مانعاً عن انعقاد الإطلاق بحجّة أنّ المولى بيّن ـ اعتماداً عليه ـ تمام المراد وإن لم يصرّح بأنّه تمامه. فليكن كذلك إذا كان هناك قدر متيقّن ـ ولو بعد التأمّل ـ خارج التخاطب فإنّه أيضاً ممّا يمكن أن يقال إنّ المولى بيّن المراد اعتماداً على تلك القرينة المنفصلة وإن لم يصرّح بأنّه تمام المراد ، فإذا قال : أكرم العلماء فالقدر المتيقّن هو العالم الهاشمي
__________________
١. درر الأُصول : ١ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣.