إنّك ترى أنّ الوهّابية التابعة لمنهج ابن تيمية لم تزل تنشر رسائل حول الصفات الخبرية وتصرّ على أنّها محمولة على اللّه بنفس معانيها اللغوية ، غاية الأمر يردفها أسيادهم بقولهم « بلا كيف » ويقولون له سبحانه أيد لا كأيدينا وعرش لا كعرشنا ، إلى غير ذلك.
٢. المتشابه والحروف المتقطّعة
هذه هي النظرية الثانية ، ذكرها الطبري في ضمن رواية حاصلها أنّ ياسر بن أخطب مرّ برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة : ( الم * ذلِكَ الكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ ) فاخبر به أخاه « حُيَيّ بن أخطب » فتمشى هو مع رجال من اليهود إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا يا محمّد ألم تذكر لنا أنّك تتلو فيما أنزل عليك : ( الم * ذلِكَ الْكِتابُ ) فقال نعم فقال : حيي : الألف واحدة واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، فهذه إحدى وسبعون وهذا مدّة نبوّتك ثمّ أقبل على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا محمّد هل مع هذا غيره؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : نعم. قال : ماذا؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « المص » فقال : هذه أثقل وأطول ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والصاد تسعون ، فهذه مائة وإحدى وستون سنة. ولم يزل يسأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقرأ الحروف المقطّعة ويحاسب على حساب الحروف الهجائية فلمّـا وصلوا إلى سبعمائة سنة وأربع وثلاثون فقالوا لقد تشابه علينا أمره فنزل : ( هُوَ الّذي أَنْزَلَ الْكِتاب ) الخ. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الحديث ضعيف سنداً لأنّه مرويّ عن سلمة بن فضل الذي جرحه علماء الرجال ، حيث قال أبو حاتم الرازي في كتابه الجرح والتعديل : « في حديثه إنكار ، ليس بقويّ ، لا يمكن أن أطلق لساني فيه بأكثر من هذا ». (٢)
__________________
١. الطبري : التفسير : ١ / ٧١ وج ٣ / ١١٨.
٢. الجرح والتعديل : ١٦٩ ، ط الهند.