وعلى ضوء هذا فالنزاع في أنّ المأمور به هو الطبيعي بما هو هو أو هو مع المشخّصات والأعراض الكلية.
فمن قال بالأوّل فقد جعل الواجب هو الحيثية الطبيعية ومن قال بالثاني جعل الواجب الحيثيتين الطبيعية والضمائم المقترنة بها.
فإذا فرضنا انّه توضأ بماء حار في البرد القارص ، فهل متعلّق الأمر هو نفس التوضأ بالماء ، أو أنّ متعلّقه هو الضميمة المقترنة بها كحرارة الماء؟ فلو افترضنا انّه قصد القربة في أصل الوضوء دون الوضوء بالماء الحارّ ، فعلى القول بأنّ متعلّقه هو الطبيعة يصحّ وضوؤه دون القول الثاني لأنّه لم يقصد القربة في الضمائم.
ثمّ إنّ المحقّق الخوئي اعترض على تفسير الفرد بهذا المعنى فقال ما هذا لفظه :
إنّ تشخّص الطبيعي بنفس وجوده ، وتشخّص الوجود بذاته ، وأمّا الأُمور الملازمة للوجود الجوهري خارجاًً التي لا تنفك عنه ، كأعراضه من الكم والكيف والأين والوضع وغيرها ، فهي موجودات أُخرى في قبال ذلك الموجود ومباينة له ذاتاً وحقيقة ، ومتشخّصات بنفس ذواتها ، وافراد لطبائع شتّى ، لكلّ منها وجود وماهية فلا يعقل أن تكون الأعراض مشخّصات لذلك الوجود لما عرفت من أنّ الوجود هو نفس التشخّص ، فلا يعقل أن يكون تشخّصه بكمه وكيفه وأينه ووضعه. (١)
يلاحظ عليه : بأنّه خلط بين المصطلحين : مصطلح الفلاسفة وما اصطلح عليه الأُصوليون.
توضيح ذلك : قد كان الرأي السائد قبل الفارابي ( المتوفّى ٣٣٩ هـ ) على أنّ
__________________
١. المحاضرات : ٤ / ١٩.