الزندقة وابن سبعين وغيرهما صاروا يطلبون النبوّة.
إلى أن قال : ومن هؤلاء مَن يقول بالحلول والاتّحاد، وهم في الحلول والاتّحاد نوعان :
نوع يقول بالحلول والاتّحاد العالم المطلق كابن عربي وأمثاله، ويقولون في النبوّة : أنّ الولاية أعظم منها، كما قال ابن عربي : مقام النبوّة في برزخ فويق الرسول دون الولي (١) ، إلى آخر ما ذكر (٢) .
ثمّ في الجزء الرابع في صفحة ١٤٨ قال : وقد يجعلون قوى النفس التي تقتضي فعل الخير هي الملائكة، وقواها التي تقتضي الشرّ هي الشياطين، وأن الملائكة التي تنزل على الرسل والكلام الذي سمعه موسى ابن عمران عليهالسلام إنّما هو في نفوس الأنبياء، ليس في الخارج، بمنزلة ما يراه النائم، وما يحصل لكثير من الممرورين وأصحاب الرياضة حيث يتخيّل في نفسه أشكالا نورانيّة، ويسمع في نفسه أصواتاً، فتلك هي عندهم ملائكة الله، وذلك هو كلام الله، ليس له كلام منفصل، ولهذا يدّعي أحدهم أنّ الله كلّمه كما كلّم موسى بن عمران أو أعظم ممّا كلّم موسى; لأنّ موسى كُلِّم عندهم بحروف وأصوات في نفسه وهم يُكلَّمون بالمعاني المجرّدة العقليّة، وصاحب مشكاة الأنوار (٣) والكتب المضنون بها على غير أهلها وقع في كلامه قطعة من هذا النمط، وقد كفّرهم بذلك في مواضع اُخر ورجع عن ذلك واستقر أمره على مطالعة البخاري ومسلم وغيرهما، ومن
____________________
(١) انظر تفسير ابن عربي ١ : ١٧١، شرح فصوص الحكم للقيصري : ١٤٨.
(٢) منهاج السنّة ٥ : ٣٣٤.
(٣) وهو أبو حامد الغزالي المتوفّي سنة ٥٠٥ هـ .