النوع الأوّل : مخالفته في المسائل التى هي من اُصول الدين التي ترجع إلى تنقيص الربّ جل جلاله كالتشبيه والتجسيم وأمثال ذلك، وقبل الشروع في شرحها ونقلها من لفظه بحروفه من مصنّفاته لا بدّ من تقديم مقدّمة :
فاعلم أوّلاً : أنّ مَن أنكر أمراً متواتراً من الشرع، معلوماً من الدين بالضرورة، وكذا مَن اعتقد عكسه، فهو كافر بالاتّفاق..
وكذا مَن خالف المسائل العقليّة التي يعلم بها صدق الرسول، فإنّ العلم بصدق الرسول مبني على مسائل معيّنة في علم الكلام، فإذا أخطأ فيها وخالف ما عليه أئمّة السنّة والجماعة لم يكن عالماً بصدق الرسول فيكون كافراً.
مثال ذلك : أنّه لا يعلم صدق الرسول إلاّ بأن يعلم أنّ العالم حادث، ولا يعلم ذلك إلاّ بأن يعلم أنّ الأجسام محدثة، ولا يعلم ذلك إلاّ بالعلم بأنّها لا تنفك من الحوادث إمّا الأعراض مطلقاً وإمّا الألوان وإمّا الحركات، ولا يعلم حدوثها حتّى يعلم امتناع حوادث لا أوّل لها، ولا يعلم أنّه صادق حتّى يعلم أنّ الله غني، ولا يعلم غناه حتّى يعلم أنّه ليس بجسم ونحو ذلك ممّا هو اُصول لتصديق الرسول، فمن خالف في هذه المسائل التي يعلم بها صدق الرسول فهو كافر عند أهل السنّة الأشعريّة والماتريديّة..
ومن هنا قال الغزالي : الكفر : تكذيب الرسول في شيء ممّا جاء به ضرورة... فالأشعري يكفّر الحنبلي بإثباته الفوق واليد والاستواء; لأنّ ذلك تكذيب : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ ) (١) نقله شهاب الدين الكازرونيّ في رسالته
____________________
(١) سورة الشورى ٤٢ : ١١.