الكراميّة : إنّ الله في جهة الفوق : نعم قد يقولون هو في جهة يعنون بذلك أنّه فوق.
إلى أن قال : وأنت لم تذكر حجّة على بطلانه، فمن شنّع على مذهبهم فلابدّ أن يشير إلى بطلانه، وجمهور الخلق على أنّ الله فوق العالم وإن كان أحدهم لا يلفظ بلفظ الجهة، فهم يعتقدون بقلوبهم ويقولون بألسنتهم : ربهم فوق، ويقولون : هذا أمر فطروا عليه وجبلوا عليه.
إلى أن قال : وقد قدّمنا فيما مضى : أنّ لفظ الجهة (١) يراد به أمر موجودوأمر معدوم، فمن قال : إنّه فوق العالم كلّه لم يقل إنّه في جهة موجودة إلاّ أن يراد بالجهة العرش، ويراد بكونه فيها أنّه عليها، كما قيل في قوله : إنّه في السماء. أي على السماء، وعلى هذا التقدير، فإذا كان فوق الموجودات كلّها وهو غنيّ عنها لم يكن عنده جهة وجوديّة يكون فيها، فضلا عن أن يحتاج إليها، وإن اُريد بالجهة ما فوق العالم فذاك ليس بشيء، ولا هو أمر وجودي حتّى يقال : إنّه يحتاج إليه أو غير محتاج إليه (٢) .
وقال في العقيدة الواسطيّة : إنّه سبحانه فوق سماواته على عرشه على خلقه ، وهو معهـم اين ما كانوا بعلمـه، وليس معنى قوله تعالى : ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ) (٣) أنّه [مختلط] (٤) بالخلق، بل القمر آية من آياته من أصغرمخلوقاته ، وهو موضوع في السماء، وهو مع المسافر أينما
____________________
(١) في الأصل : لفظه بدل : لفظ الجهة، والمثبت عن النسخة الثانية الموافقة للمصدر.
(٢) منهاج السنّة ٢ : ٦٤٢ - ٦٤٨.
(٣) سورة الحديد ٥٧ : ٤.
(٤) ما بین المعقوفین عن المصدر.