ووجوههم وأعينهم، فإن أراد القائل بقوله : «ليس بجسم» هذا المعنى قيل له : هذا المعنى الذي قصدت نفيه بهذا اللفظ معنى ثابت بصحيح المنقول وصريح المعقول، وأنت لم تقم دليلا على نفيه (١) . انتهى.
وقوله : أو ما تقوم به الصفات، يريد بالصفات ما يعمّ اليد والقدم والساق والوجه والعين والإصبع والركوب والنزول والاتكاء والاستلقاء والاستواء، فإنّها عنده كلّها أيضاً صفات جزئيّة ذاتية حقيقيّة لله، فإنّه صنّف رسالة في إثبات ذلك، وهي الرسالة المدنية في تحقيق المجاز والحقيقة في الصفات، وهي المطبوعة مع الجيوش الإسلاميّة لابن القيّم بالهند في مطبع القرآن والسنّة الواقع في بلدة أمرتسر.
قال : إنّ هذه الصفات إنّما هي صفات الله سبحانه على ما يليق بجلاله، نسبتها إلى ذاته كنسبة صفات كلّ شيء إلى ذاته، فيعلم أنّ العلم صفة ذاتيّة للموصوف ولها خصائص وكذلك الوجه، ولا يقال : إنّه مستغن عن هذه الصفات لأنّ هذه الصفات واجبة لذاته والإله المعبود هو المستحق لجميع هذه الصفات (٢) .
وقال فيها في المقام الرابع ما لفظه : قلت له : أنا أذكر لك من الأدلّة الكلّية القاطعة الظاهرة ما يبيّن لك أنّ لله يَدَينِ حقيقةً، فمن ذلك تفضيلهُ لآدم يستوجب سجود الملائكة وامتناعهم عن التكبر عليه، فلو كان المراد أنّه خلقه بقدرته أو بنعمته أو مجرّد إضافة خلقه إليه لشاركه في ذلك إبليس وجميع المخلوقات (٣) ... إلى آخر كلامه.
____________________
(١) منهاج السنّة ٢ : ١٣٥.
(٢) مجموعة الفتاوى ٦ : ٢١٤.
(٣) نفس المصدر ٦ : ٢٢١ - ٢٢٢.