يفعل أفعالا تقوم بنفسه وقدرته ومشيته شيئاً بعد شيء، يقول : إنّه لم يزل يتكلّم بمشيته أو يفعل بمشيته شيئاً بعد شيء.
إلى أن قال : وعمدة حجّة الفلاسفة على قدم العالم هو قولهم : يمتنع حدوث الحوادث بلا سبب حادث. فيمتنع تقدير ذات معطّلة عن الفعل لم تفعل ثمّ فعلت من غير حدوث سبب، وهذا القول لا يدلّ على قدم شيء بعينه من العالم لا الأفلاك ولا غيرها، إنّما يدلّ على أنّه لم يزل فعالا، وإذا قدر أنّه تعالى فعال لأفعال تقوم بنفسه أو مفعولات حادثة شيئاً بعد شيء، كان ذلك وفاء بموجب هذه الحجّة، مع القول بأنّ كلّ ما سوى الله محدث مخلوق كائن بعد أن لم يكن كما أخبرت الرسل أنّ الله خالق كلّ شيء، وإن كان النوع لم يزل متجدّداً كما في الحوادث المستقبلة كلّ منها حادث مخلوق، وهي لا تزال تحدث شيئاً بعد شيء، إلى آخر كلامه (١) .
وهذا هو الكفر البراح الصريح، وهو معنى :
يرى حوادث لا مبدأ لأوّلها |
|
في الله سبحانه عمّا يظنّ به |
وهو ما نسبه إليه في السيف الصقيل (٢) ، ونقله ابن حجر المكي في الفتاوى الحديثيّة (٣) .
قال ابن حجر الهيتمي المكّي في كتاب قواطع الإسلام : ومنها القول الذي هو كفر سواء صدر عن اعتقاد أو عناد أو استهزاء، فمن ذلك اعتقاد قدم العالم (٤) . انتهى.
____________________
(١) منهاج السنّة ١ : ١٤٩.
(٢) السيف الصقيل في رد ابن زفيل : ٥٩.
(٣) الفتاوى الحديثية : ٨٤.
(٤) الإعلام بقواطع الإسلام ١ : ٨٠.