(والمتأمّل في حديث البخاري حكاية خطبة بنت أبي جهل يعرف أنّها من أكاذيب الفضيحة والافتراءات الصريحة لا يصدّق بها إلاّ الناصب المعادي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلي وفاطمة عليهماالسلام ، فإنّ الذي نسب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه صعد المنبر وبين أرجحيّة أبي العاص وأفضليته على عليّ، وهو لا يزال في المواطن في الحضر والسفر ينوّه باسم عليّ ويفضّله ويميّزه عن غيره، ويجعله مرّة في المباهلة نفسه (١) ، واُخرى بمنزلة هارون من موسى (٢) ، وتارة يجعله مولى كلّ مؤمن ومؤمنة (٣) ، ومَن كان يقول ذلك وأمثال ذلك ممّا لا يحصى، لا يصعد المنبر ويذمّه ويشنّع عليه بما يلزمه التناقض في القول، كلاّ ثمّ كلاّ حاشا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من ذلك، وحاشا أميرالمؤمنين من مثل ذلك، وحاشا فاطمة من التفوّه بكلمات الجاهليّة فإنّها المطهَّرة الزكيّة، لكن بني أُميّة شوّقوا المسور بن مخرمة فزملهم إلى وضع ذلك ونحوه كما هي عادتهم المستمرّة، يعرفها المتضلّع في التواريخ، من فذلكاتهم ذكر الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام في الرواية عن المسور حتّى يكون من أوضح التجري على تدليس الباطل، ولا غرابة ممّن طبع على الخيانة والكذب والعداوة لعليّ وولده، فالحَكَم الله يوم فصل القضاء والزعيم محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ) (٤) .
____________________
(١) الآية ٩١ من سورة آل عمران، وانظر صحيح مسلم ٤ : ١٨٨٣ / ٦١، شواهد التنزيل ١ : ١٤١، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي : ٣١٨ / ٢٦٢.
(٢) مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي : ٢٧ / ٤٠ - ٥٦، المصنّف لابن أبي شيبة ٦ : ٣٦٩ / ٣٢٠٦٩.
(٣) سنن الترمذي ٥ : ٢٩٦ / ٣٧٩٦، المصنّف لابن أبي شيبة ٦ : ٣٦٩ / ٣٢٠١١٢ - ٣٢٠٦٩، المناقب للخوارزمي : ٢٦٤ / ٢٤٦.
(٤) ما بين القوسين ليس في النسخة الاُولى.