لعليّ، ولا يمكن صدور مثل هذه البيانات ممّن يواد عليّاً ويحبّه لولا يبغضه كما هو ظاهر..
مع أنّ قصة خطبته بنت أبي جهل موضوعة لا أصل لها; لانحصار النسبة بالمسور بن مخرمة، وقد نصّ العلماء كابن عبد البرّ في الاستيعاب (١) وغيره (٢) ممّن كتب في أحوال الصحابة أنّ المسور بن مخرمة ولد بمكّة بعد الهجرة بسنتين، وقدم به أبوه المدينة عقيب ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، وقبض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسور بن ثمان سنين، فيكون قد سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على المنبر حكاية القصّة وغضبه، وما نقله بطوله في حال كونه صبياً.
ومثل هذا لا يعتمد عليه عند العقلاء بحيث يترتب عليه ما رتّب ابن تيميّة..
على أنّ المسور المتهم في روايته; لأنّه كان منحرفاً عن عليّ، قال في الاستيعاب : وكان الخوارج تعظّمه وتبجّل رأيه (٣) .
أقول : ولا يمكن ذلك منهم إلاّ لمن علموا منه تمام البغض لعليّ، وكان كذلك، فإنّه سكن لذلك الشام كما نصّ عليه الذهبي وغيره (٤) ، ومعلوم حال بني أُميّة بالنسـبة إلى عليّ، فلا مانع للمسور بن مخرمة أن يضع ما ينقّص في عليّ ، كما لا يخفى على المنصف المتدبّر.
____________________
(١) الاستيعاب ٣ : ٤١٦.
(٢) الجرح والتعديل للرازي ٨ : ٢٩٧ / ١٣٦٦ ، تاريخ دمشق ٥٨ : ١٥٨ / ٧٤٣٦ ، اُسد الغابة ٥ : ١٧٠ / ٤٩٢٦ ، تاريخ الإسلام للذهبي ٥ : ٢٤٤ .
(٣) انظر الاستيعاب ٣ : ٤١٧، وسير أعلام النبلاء ٣ : ٣٩١ / ٦٠.
(٤) انظر تاريخ الإسلام ٥ : ٢٤٢، وسير أعلام النبلاء ٣ : ٣٩٠ / ٦٠. طبقات ابن سعد تحقيق عليّ محمّد عمير ٦ : ٥٢١ / ١٣٨١، تاريخ دمشق ٥٨ : ١٩٥ / ٧٤٣٦.