التسلّط الفعلي، قال الشيخ أبو شكور الحنفي في كتاب التمهيد في بيان التوحيد ما لفظه :
قال بعض الناس : بأنّ الإمام إذا لم يكن مطاعاً فإنّه لا يكون إماماً لأنّه إذالم يكن له القهر والغلبة فلا يكون إماماً (١) .
قلنا : ليس كذلك، لأنّ طاعة الإمام فرض على الناس، فإن لم يكن القهرفذلك يكون من تمرّد الناس، وهو لا يعزله عن الإمامة، فلو لم يطع (٢) الإمام فالعصيان حصل منهم، وعصيانهم لا يضرّ بالإمامة، ألا ترى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان مطاعاً في أوّل الإسلام، وما كان له القهر على أعدائه من طريق العادة، والكفرة قد تمرّدوا عن أمره ودينه (٣) ، وقد كان هذا لا يضرّه ولا يعزله عن النبوّة، وكذلك الإمام لأنّ الإمام خليفة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لامحالة، وكذلك عليّ ما كان مطاعاً من جميع المسلمين ومع ذلك ما كان معزولا، فصحّ ما قلنا : ولو أنّ الناس كلّهم ارتدّوا عن الإسلام والعياذ بالله تعالى فإنّ الإمام لا ينعزل من الإمامة فكذلك في العصيان (٤) ، انتهى.
ومن هنا يظهر انطباق أحاديث : «الأئمّة بعدي اثنا عشر كلّهم من قريش» المخرجة في الصحيحين (٥) وغيرهما (٦) على الأئمّة الاثنى عشر من
____________________
(١) انظر شرح بدء الأمالي للرازي : ٢٦٠، واُصول الدين للغزنوي : ٢٨١ / ١٦٣.
(٢) في المصدر : يطيعوا .
(٣) في المصدر : تمرّدوا عن إمداده ونصرة دينه.
(٤) التمهيد في بيان التوحيد : ١٨٦ - ١٨٧، وفي العبارة تقديم تأخير فراجع.
(٥) صحيح البخاري ٩ : ٧٢٩ / ٢٠٣٤، صحيح مسلم ٣ : ١٤٥٢ / ١٨٢١ - ١٨٢٢.
(٦) مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٨٧، ٩٠، ٩٣، ٩٧، سنن أبي داوُد ٤ : ١٠٦ / ٤٢٧٩، سنن الترمذي ٣ : ٣٤٠ / ٢٣٢٣.