كما أنّه في أوّل هذه الصفحة كذّب حديث : «فاطمة أحصنت فرجها فحرّمها الله وذريتها على النار» (١) ، قال : هو كذب باتّفاق أهل المعرفة بالحديث، ويظهر كذبه لغير أهل الحديث أيضاً، فإنّ سارة أحصنت فرجها ولم يحرّم الله جميع ذريّتها على النار إلى آخر سفسطته عامله الله بعدله.
مع أنّ الحديث روته الحفّاظ المهرة في الحديث، أخرجـه البزاز (٢) ، وأبويعلى (٣) ، والعقيلي (٤) ، والطبراني (٥) ، وابن شاهين (٦) ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم: «إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريّتها على النار»، وأخرجه الجلال السيوطي في إحياء الميت في الحديث الثامن والثلاثين، وذكر من خرّجه كما ذكرنا فراجع (٧) ، فكيف يكون كذباً باتّفاق أهل المعرفة بالحديث يا معاند بل يا ملحد؟!
والمتدبّر في الحديث يعرف أنّ فيه إشارة إلى ما قاله تعالى في حقّ مريم عليهاالسلام قال سبحانه وتعالى : ( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَنَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا ) (٨) وظاهر موضع الفاء في «فنفخنا» أنّه للتفريع فكأن
____________________
(١) فضائل فاطمة عليهاالسلام للحاكم : ٥٩ / ٥٢، تاريخ بغداد ٣ : ٥٤ / ٩٩٧، تاريخ دمشق ١٤ : ١٧٤، المجروحين لابن حبّان ٢ : ٨٨، الموضوعات لابن الجوزي ١ : ٤٢٢، ميزان الاعتدال ٣ : ٢١٧ / ٦١٨٣، ينابيع المودّة ٢ : ٩٠ / ١٩٢.
(٢) في مسنده البحر الزخّار ٥ : ٢٢٣ / ١٨٢٩.
(٣) عنه في المطالب العالية ١٦ : ١٨٠ / ٣٩٥٩، كنز العمّال ١٢ : ١٠٨ / ٣٤٢٢٠.
(٤) ضعفاء العقيلي ٣ : ١٨٤ / ١١٧٩.
(٥) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٦ / ١٠١٨.
(٦) فضائل فاطمة عليهاالسلام : ٢٣ - ٢٦ / ١٠ و ١١ و ١٢.
(٧) إحياء الميّت بفضائل أهل البيتعليهمالسلام (الإتحاف بحبّ الأشراف) : ٢٥٧، الجامع الصغير ١ : ٣٥٢ / ٢٣٠٩.
(٨) سورة التحريم ٦٦ : ١٢.