كفّارة والنقمة بالآخرة، وإن دلّ على الصيد وهو محرم فقتل فعليه الفداء، وإذا أصابه في وكره أو مأواه ليلا خطأً فلا شيء عليه إلاّ أن يتصدّق، فإن تصيّد في ليل أو نهار فعليه الفداء بمنى حيث ينحر الناس، والمحرم بالعمرة ينحره بمكّة».
فأمر المأمون بأن يكتب ذلك كلّه عنده، ثمّ قرأه عليهم وقال لهم : هل فيكم من يجيب بمثل هذا؟ فاعترفوا بفضله فقالوا : أمير المؤمنين أعلم ومن أقرّالله به هديه عين مصطفاه فقد بلغ من السؤدد منتهاه، مع أنّه قد بلغ من السيادة ممّا لا يمكن عليه زيادة، وأين موقع الإطناب في هذا الباب من قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة إلاّ ابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهماالسلام» (١) فهذه النجابة المؤيّدة والسيادة المؤبّدة، انتهى ما في كتاب أنباء نجباء الأبناء لابن ظفر الصقلي المكّي (٢) .
وذكره في الإرشاد لمّا ذكر القصّة قال : فقال يحيى بن أكثم للمأمون : أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر؟ فقال له المأمون : استأذنه في ذلك. فأقبل عليه يحيى بن أكثم فقال : أتأذن لي - جعلت فداك في مسألة؟ قال له أبو جعفر عليهالسلام : «سل إن شئت». قال يحيى : ما تقول ـجعلني الله فداك في محرم قتل صيداً؟
فقال له أبو جعفر : «قتله في حلّ أو حرم؟ عالماً كان المحرم أم
____________________
(١) خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ١٢٣، وفضائل الصحابة للنسائي : ٢٠، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ٥٠ / ٨١٧٩ و١٤٥ / ٨٥٢٨، صحيح ابن حبّان ١٥ : ٤١٢، المعجم الكبير للطبراني ٣ : ٣٨ / ٢٦١٠، ذخائر العقبى : ١٣٩، المستدرك للحاكم ٣ : ١٦٦، مجمع الزوائد ٩ : ١٨٢، تاريخ دمشق ٦٤ : ١٩١ / ١٣١٠٧ - ١٣١١١.
(٢) أنباء نجباء الأبناء للصقلي : ٥٨ - ٦٢.